للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند التسليم بأثر الحسن ذلك فقد ناقشه ابن العربي بقوله: ((وأما فِعل الحسن فَيُحْتمل أن يكون خطب الإمام بما لا يجوز فبادر الحسن إلى الصلاة، وقد رأيت الزُّهاد بمدينة السلام والكوفة إذا بلغ الإمام إلى الدعاء لأهل الدنيا قاموا فصلوا، ورأيتهم أيضاً يتكلمون مع جلسائهم فيما يحتاجون إليه من أمرهم، أو في علم ولا يصغون إليهم حينئذ؛ لأنه عندهم لغو، فلا يلزم استماعهم، لا سيما وبعض الخطباء يكذبون حينئذ، فالاشتغال بالطاعة عنهم واجب)) . (٢٣٣)

المطلب الثاني: مناقشة القول الثاني: يجلس ولا يصلي.

وفيه خمسة مقاصد:

المقصد الأول: مناقشة القول.

يناقش: بأنه ينبغي على من دخل والإمام يخطب أن يصلي ركعتين تمسكاً بالسنة الصحيحة الصريحة، التي تمسك بها أكثر أهل العلم وقالوا بها، كالشافعية والحنابلة، وأئمة الفقه والاجتهاد، كالحسن ومكحول وابن عيينة والحميدي وإسحاق وأبي ثور وداود وابن المنذر. وفعله: الحسن وابن عيينة، وكان يأمر به، كما عرفت هذا جميعه. (٢٣٤)

المقصد الثاني: مناقشة استدلال القول الثاني بالقرآن.

نوقش استدلالهم بالآية: بأنه مخصوص (٢٣٥) عمومها بالدليل الأول والثاني (حديثي جابر وأبي سعيد) للقول الأول من السنة الصحيحة الصريحة الخاصة بحالتنا.

المقصد الثالث: مناقشة استدلال القول الثاني بالسنة.

أأما دليلهم الأول: حديث عبد الله بن بُسر فنوقش: بأنه قضيةٌفي عَينٍ، (٢٣٦) يحتمل: أن يكون الموضع يضيق عن الصلاة، أو يكون في آخر الخطبة، بحيث لو تشاغل بالصلاة فاتَتْه تكبيرة الإحرام. والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالجلوس؛ ليكف أذاه عن الناس؛ لتخطيه إياهم. فإن كان دخوله في آخر الخطبة بحيث إذا تشاغل بالركوع فاتَه أول الصلاة لم يُستحب له التشاغل بالركوع. (٢٣٧) وهذا آذى الناس فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالجلوس؛ إذ لا مجال لأمره بالصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>