وأما القول الثالث قول أبي مِجْلَز: فهو قول خاص به، كما أنه يناقش بالقول الأول، ومن قال به، وهم أكثر أهل العلم. كما أنه يناقش أيضاً: بالقول الثاني، ومن قال به، وهم من بقي من أهل العلم.
فالقول الأول والثاني قال بهما أئمة المذاهب المعتمدة، وأئمة الاجتهاد، وجميع أهل العلم، معتمدين في ذلك على الأدلة من القرآن والسنة والأثر والمعقول. وأما ما روي عن أبي مِجْلز فيجاب عنه أيضاً بهذا، ويمكن أن يكون جمعاً بين الأدلة، اجتهاداً منه، وأدلة القول الأول عن الرسول صلى الله عليه وسلم واضحة وصريحة والمقام.
الخاتمة: نتيجة البحث، ومؤيداتها.
ومن خلال ما تقدم يتضح أن نتيجة البحث (الراجح) هو القول الأول، وهو أنه إذا دخل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب فإنه يصلي ركعتين ثم يجلس؛ فهو قول: الشافعية والحنابلة، والحسن ومكحول والمقبري وابن عُيينة والحُميدي وابن راهويه وأبي ثور وداود وابن المنذر. أئمة الفقه ومجتهديه. وفِعل: الحسن وابن عيينة، وكان يأمر به. ولولا أنه هو السنة لَمَا فَعلاه، وَلَمَا أَمََر به ابن عيينة، ولَمَا اختاره: الترمذي (٢٦٦) والدارمي. (٢٦٧)
فهو قول: أكثر أهل العلم؛ قال الحسين بن مسعود البغوي (٢٦٨) في التهذيب: ((عند أكثر أهل العلم)) . (٢٦٩) وقال في شرح السنة: ((وهو قول كثير من أهل العلم)) . (٢٧٠)
يُؤيد تلك النتيجة (الراجح) أيضاً، وهو أن القول الأول الأصح:أنه فِعل الحسن البصري؛ وذلك لما رُوي عن ((العلاء بن خالد القرشي)) (٢٧١) أنه قال: " رأيت الحسن البصري دخل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب، فصلى ركعتين، ثم جلس". (٢٧٢)
وفِعل الحسن البصري هذا إنما فَعَله اتباعاً منه للسنة، التي رواها الحسن نفسه؛ فقد روى عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الحديث (٢٧٣) ، كما عرفت (٢٧٤) ؛ قال حَمْد بن محمد الخطابي (٢٧٥) : ((والسنة أولى ما اتُّبِِع)) . (٢٧٦)