وقول النحويين:" يجوز في جواب الطلب الحركات الثلاثة " قد يُوهم بأنَّ الحبل متروك على الغارب، وأنَّ لنا أنْ نختار أيَّة حركة نشاء، فتارة نختار الرفع، وتارة نختار النصب، وتارة نختار الجزم، دون أن يكون هناك أي تأثير على المعنى. وليس الأمر كما تُوهم؛ فالحركة الإعرابية مرهونة بالمعنى؛ فإمّا أن ننطلق من المعنى المراد فنعبِّر عنه بالتركيب الصحيح الذي يشتمل على المفردات المضبوطة ضبطاً مناسباً للمعنى المقصود، ويدل عليه أو أنْ ننطلق من نصّ مكتوب؛ فإنْ كان النص مضبوطاً بالشكل فقد أعفانا من عناء التخمين وافتراض المعاني، وإنْ لم يكن مضبوطاً بالشكل فعندئذٍ لنا أنْ نقلب الأمر وننظر في المعاني الصحيحة المحتملة، ونضع الحركة الإعرابية المناسبة لكل معنى منها، ونستبعد الحركات الإعرابية التي لا يستقيم معها المعنى.
فإذا قصدنا بالفعل الواقع بعد الطلب أنْ يكون مترتباً على الطلب السابق له، وأنْ يكون مشروطاً به، ومقيداً حصول الثاني بحصول الأول؛ فالجزم والكلام جملة واحدة، ولا يجوز السكوت على الطلب دون الجواب؛ لأنَّ المعنى المراد عندئذٍ سيكون ناقصاً؛ وذلك نحو:" لا تهملْ واجبك تفزْ ". فإنْ أردنا أنْ ننهاه فقط دون أنْ نوضح له النتائج التي تترتب على الطاعة اكتفينا بالطلب، وقلنا:" لا تهملْ واجبك ".
ولا يصح - إذا أردنا الجزاء - أنْ نكتفي بالطلب دون الجواب، كما لا يجوز في الشرط أنْ نكتفي بالشرط دون الجواب.
أمَّا إذا قصدنا بالفعل الواقع بعد الطلب الاستئناف، أو الوصف،أوالحال؛ فالرفع.
والاستئناف (٩٤) : هو مواصلة الكلام إثْر انقطاعٍ دون أنْ يكون بين الجملة المستأنفة وما قبلها صلة إعرابية، وهو نوعان: