الظاهر بقتله. وكان محبّا للعدل يجلس فى كلّ يوم اثنين وخميس [فى «١» ] مجلس عام يحضره القضاة والفقهاء، ويصل إليه الكبير والصغير والشيخ والعجوز، وما استغاث إليه أحد إلّا أجابه وكشف ظلامته؛ واستغاث اليه ابن زهير الدّمشقىّ على تقىّ الدين عمر [ابن أخيه «٢» ] وقال: ما يحضر معى مجلس الشرع، فأمر تقىّ الدين بالحضور معه.
وادّعى رجل على السلطان صلاح الدين المذكور بأنّ سنقر الخلاطىّ مملوكه ومات على ملكه. قال ابن شدّاد: فأخبرته فأحضر الرجل، وقد خرج عن طرّاحته وساواه فى الجلوس، فادّعى الرجل؛ فرفع السلطان رأسه إلى جماعة الأمراء والشيوخ الأخيار، وهم وقوف على رأسه، فقال: أتعرفون سنقر الخلاطىّ؟ قالوا: نشهد أنّه مملوكك، وأنّه مات على ملكك. ولم يكن للرجل المدّعىّ بيّنة، فأسقط فى يده.
فقلت: يا مولانا، رجل غريب، وقد جاء من خلاط فى طمع، ونفدت نفقته، وما يحسن أن يرجع خائبا؛ فقال: يا قاضى، هذا إنّما يكون على غير هذا الوجه، ووهب له نفقة وخلعة وبغلة وأحسن إليه.
قال: وفتح آمد، ووهبها لابن قرا أرسلان. واجتمع عنده وفود بالقدس ولم يكن عنده مال، فباع ضيعة وفرّق ثمنها فيهم. قال ابن شدّاد: وسألت باليان بن بارزان «٣» يوم انعقاد الصلح عن عدّة الفرنج الذين كانوا على عكّا، وهو جالس بين يدى السلطان، فقال للتّركمان: قل له كانوا من خمسمائة ألف إلى ستّمائة ألف، قتل منهم أكثر من مائة ألف وغرق معظمهم. قال: وكان يوم المضاف يدور على الأطلاب ويقول: وهل أنا إلا واحد منكم! وكان