أيضا، وأصبحوا يوم الأربعاء فزحفوا على القلعة ونقبوها من ناحية باب الفرج، وهتكوا حرمتها ودخلوها، وبها الملك المغيث عمر بن الملك الصالح أيّوب، فآعتقله الصالح إسماعيل فى برج، واستولى على جميع ما فى القلعة. وبلغ الملك الصالح نجم الدين أيّوب ما جرى، وقيل له فى العود إلى دمشق، فخلع الصالح أيّوب على عمّيه مجير «١» الدين وتقىّ «٢» الدين وعلى غيرهم، وأعطاهم الأموال وقال لهم: ما الرأى؟
قالوا: نسوق إلى دمشق قبل أن تؤخذ القلعة. فخرجوا من نابلس فنزلوا القصير «٣» فبلغهم أخذ القلعة، فنفر بنو أيّوب بأسرهم وخافوا على أولادهم وأهليهم بدمشق، وكان الفساد قد لعب فيهم، فتركوا الصالح أيّوب وتوجّهوا إلى دمشق؛ وبقى الصالح فى مماليكه وغلمانه لا غير، ومعه جاريته شجرة الدّرّ أمّ خليل؛ فرحل من القصير يريد نابلس فطمع فيه أهل الغور «٤» والقبائل، وكان مقدّمهم شيخا جاهلا يقال له مسبل «٥» من أهل بيسان قد سفك الدماء، فتقاتل عسكر الصالح معه حتّى كسروه؛ ثم اتّفق بعد ذلك مجىء الملك الناصر داود من مصر بغير رضا من الملك العادل صاحب مصر ووصل إلى الكرك؛ وكتب الوزيرىّ «٦» إلى الناصر يخبره الخبر، فلمّا بلغ الناصر ذلك أرسل عماد الدين بن موسك والظّهير بن سنقر الحلبىّ فى ثلثمائة فارس إلى نابلس. فركب الصالح أيّوب والتقاهم فخدموه وسلّموا عليه بالسلطنة، وقالوا له:
طيّب قلبك، إلى بيتك جئت، فقال الصالح: لا ينظر ابن عمّى فيما فعلت، فلا زال الملوك على هذا؛ وقد جئت إليه أستجير به، فقالوا: قد أجارك وما عليك بأس؛