للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمير بدر الدين بيسرى، وعلى علاء الدين كشتغدى الشّمسىّ واعتقلهما بقلعة الجبل، وذلك فى يوم الأحد مستهلّ صفر من السنة. واستمرّ السلطان على ذلك إلى يوم الأربعاء «١» ثانى عشرين شعبان طافوا بكسوة البيت العتيق التى عملت برسم الكعبة، عظّمها الله تعالى، بمصر والقاهرة على العادة، ولعبت مماليك السلطان الملك المنصور قلاوون أمام الكسوة بالرّماح والسلاح.

قلت: وأظنّ هذا هو أوّل ابتداء سوق المحمل المعهود الآن، فإنّنا لم نقف فيما مضى على شىء من ذلك مع كثرة التفاتنا إلى هذا المعنى، ولهذا غلب على ظنّى من يوم ذاك بدأ السوق المعهود الآن، ولم يكن إذ ذاك على هيئة يومنا هذا، وإنّما ازداد بحسب اجتهاد المعلّمين، كما وقع ذلك فى غيره من الفنون والملاعيب والعلوم، فإن مبدأ كلّ أمر ليس كنهايته، وإنّما شرع كلّ معلّم فى اقتراح نوع من أنواع السّوق إلى أن انتهى إلى ما نحن عليه الآن، ولا سبيل إلى غير ذلك.

يعرف ما قلته من له إلمام بالفنون والعلوم إذا كان له ذوق وعقل. وعلى هذه الصيغة أيضا اللعب بالرمح فإنّ مماليك قلاوون هم أيضا أحدثوه، وإن كانت الأوائل كانت تلعبه، فليس كان لعبهم على هذه الطريقة؛ وأنا أضرب لك مثلا لمصداق قولى فى هذا الفنّ، وهو أنّ مماليك الملك الظاهر برقوق كان أكثرهم قد حاز من هذا الفنّ طرفا جيّدا، وصار فيهم من يضرب بلعبه المثل، وهم جماعة كثيرة يطول الشرح فى ذكرهم، ومع هذا أحدث معلّمو زماننا هذا أشياء لم يعهدوها أولئك من تغيير القبض على الرمح فى مواطن كثيرة فى اللّعب، حتى إنّ لعب زماننا هذا يكاد أنّه يخالف لعب أولئك فى غالب قبوضاتهم وحركاتهم. وهذا أكبر شاهد لى على ما نقلته من أمر المحمل، وتعداد فنونه، وكثرة ميادينه، واختلاف