للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند السلطان إلى الغاية. فلمّا كان بعض الأيام دخل فخر الدين بن لقمان على السلطان فأعطاه السلطان كتابا يقرؤه، فلمّا دخل فتح الدين أخذ السلطان الكتاب منه وأعطاه لفتح الدين، وقال لفخر الدين: تأخّر! فعظم ذلك على فخر الدين بن لقمان.

قلت: ولولا أنّ هذه الواقعة خرق العادة ما غضب ابن لقمان من ذلك، لأنّ العادة كانت يوم ذاك لا يقرأ أحد على السلطان كتابا بحضرة الوزير. انتهى.

ومنها واقعة القاضى فتح الدين المذكور مع شمس «١» الدين ابن السّلعوس لمّا ولى الوزارة للملك الأشرف خليل بن قلاوون، فإنّه قال لفتح الدين: اعرض علىّ كلّ ما تكتبه عن السلطان كما هى العادة، فقال فتح الدين: لا سبيل إلى ذلك، فلما بلغ الملك الأشرف هذا الخبر من الوزير المذكور، قال: صدق فتح الدين، فغضب من ذلك الوزير ابن السّلعوس.

قلت: وعندى دليل آخر أقوى من جميع ما ذكرته، أنّه لم أقف على ترجمة رجل فى الإسلام شرقا ولا غربا نعت بكاتب السرّ قبل فتح الدين هذا، وفى هذا كفاية. وما ذكره صاحب صبح الأعشى وغيره ممّن كتبوا للنبىّ صلّى الله عليه وسلّم ومن بعده ليس فى ذلك دليل على أنّهم كتّاب السّرّ؛ بل ذلك دليل لكلّ كاتب كتب عن مخدومه كائنا من كان. ونحن أيضا نذكر الذين ذكرهم صاحب صبح الأعشى وغيره من الكتّاب، ونذكر أيضا من ألحقناه بهم من كتّاب السّرّ إلى يومنا هذا، ليعلم بذلك صدق مقالتى بذكرهم وألقابهم وزمانهم. انتهى. قال: اعلم أنّ كتّاب النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، كانوا نيّفا على ستة وثلاثين كاتبا، لكن المشهور منهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلىّ ومعاوية بن أبى سفيان ومروان بن الحكم.