وتوجّه إلى صرخد فى ليلة الثلاثاء تاسع «١» عشر شهر ربيع الأوّل المذكور، وجرّدوا معه جماعة من الجيش نحو مائتى فارس إلى أن أوصلوه إلى صرخد. فكانت مدّة سلطنة الملك العادل كتبغا هذا على مصر سنتين وثمانية وعشرين يوما، وقيل سبعة عشر يوما، وتسلطن من بعده الملك المنصور حسام الدين لاچين حسب ما تقدّم ذكره.
ثم كتب له الملك المنصور حسام الدين لاچين تقليدا بنيابة صرخد، فقبل الملك العادل ذلك وباشر نيابة صرخد سنين إلى أن نقله السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون فى سلطنته الثانية من نيابة صرخد إلى نيابة حماة. وصار من جملة نوّاب السلطنة، وكتب له عن السلطان كما يكتب لأمثاله من النوّاب، وسافر فى التجاريد فى خدمة نوّاب دمشق وحضر الجهاد؛ ولم يزل على نيابة حماة حتى مات بها فى ليلة الجمعة «٢» يوم عيد الأضحى وهو فى سنّ الكهوليّة. ودفن بحماة، ثم نقل منها ودفن بتربته التى أنشأها بسفح جبل قاسيون دمشق غربىّ الرّباط الناصرى، وله عليها أوقاف. وكان ملكا خيّرا ديّنا عاقلا عادلا سليم الباطن شجاعا متواضعا، وكان يحبّ الفقهاء والعلماء والصلحاء ويكرمهم إكراما زائدا، وكان أسمر اللون قصيرا دقيق الصّدر قصير العنق، وكان له لحية صغيرة فى حنكه، أسر صغيرا من عسكر هولاكو. وكان لمّا ولى سلطنة مصر والشام تشاءم الناس به، وهو أنّ النيل قد بلغ فى تلك السنة ست عشرة ذراعا ثم هبط من ليلته فشرقت البلاد وأعقبه غلاء عظيم حتى أكل الناس الميتة. وقد تقدّم ذكر ذلك فى أوّل ترجمته. ومات الملك العادل