اذهب لأستاذك وقل له: يا بعيد الذّهن وقليل العلم بعد أن دبرت أمرا، فما الحاجة إلى مشاورتنا! فو الله ليكوننّ عليك أشأم التدبير وسيعود وباله عليك، ولم يكتب له جوابا.
وأمّا قراسنقر نائب حلب فإنه أرسل إلى قبجق وإلى أسندمر يعلمهما أنّ الأفرم حلّف عساكر دمشق على طاعة بيبرس، ولا نأمن أن يعمل الأفرم علينا، فهلمّوا نجتمع فى موضع واحد فنتشاور ونرى أمرا يكون فيه المصلحة، فاتّفقوا الجميع على أن يجتمعوا فى حلب عند قراسنقر، وعيّنوا ليلة يكون اجتماعهم فيها.
فأمّا قبجق فإنه ركب إلى الصيد بمماليكه خاصّة، وتصيّد إلى الليل فسار إلى حلب. وأمّا أسندمر أظهر أنّه ضعيف وأمر ألّا يخلّى أحدا يدخل عليه، وفى الليل ركب بمماليكه الذين يعتمد عليهم وقد غيّروا ملابسهم، وسار يطلب حلب. واجتمع الجميع عند قرا سنقر، فقال لهم قراسنقر: ما تقولون فى هذه القضيّة التى جرت؟ فقال قبجق: والله لقد جرى أمر عظيم، وإن لم نحسن التدبير نقع فى أمور! يعزل ابن أستاذنا ويأخذها بيبرس! ويكون الأفرم هو مدبّر الدولة! وهو على كلّ حال عدوّنا ولا نأمن شرّه، فقالوا: فما نفعل؟ قال: الرأى أن نكتب إلى ابن أستاذنا فى الكرك ونطلبه إلى حلب ونركب معه، فإما نأخذ له الملك، وإما أن نموت على خيولنا! فقال أسندمر: هذا هو الكلام، فحلف كلّ من الثلاثة على هذا الاتّفاق، ولا يقطع واحد منهم أمرا إلّا بمشورة أصحابه، وأنّهم يموت بعضهم على بعض، ثم إنّهم تفرّقوا فى اللّيل كلّ واحد إلى بلده.
وأمّا الأمراء الذين خرجوا من مصر إلى النوّاب بالبلاد الشاميّة بالخلع وبسلطنة بيبرس، فإنهم لمّا وصلوا إلى دمشق قال لهم الأفرم: أنا أرسلت إليهم مملوكى، فردّوا علىّ جوابا لا يرضى به مولانا السلطان. وكان الأفرم أرسل إلى الملك المظفّر