بيبرس نسخة اليمين التى حلّف بها أمراء دمشق مع مملوكه مغلطاى، فأعطاه الملك المظفّر إمرة طبلخاناه «١» وخلع عليه، وأرسل معه خلعة لأستاذه الأفرم بألف دينار، وأطلق له شيئا كثيرا كان لبيبرس فى الشام قبل سلطنته من الحواصل والغلال، فسّر الأفرم بذلك غاية السرور، ثم قال الأميران اللذان وصلا إلى دمشق للافرم:
ما تشير به علينا؟ فقال لهما: ارجعا إلى مصر ولا تذهبا إلى هؤلاء، فإنّ رءوسهم قويّة، وربّما يثيرون فتنة، فقالا: لاغنى لنا [من] أن نسمع كلامهم، ثم إنّهما ركبا من دمشق وسارا إلى حماة، ودخلا على قبجق ودفعا له كتاب الملك المظفّر، فقرأه ثم قال: وأين كتاب الملك الناصر؟ فأخرجا له الكتاب، فلمّا وقف عليه بكى، ثم قال: من قال إنّ هذا خطّ الملك الناصر؟ والله واحد يكون وكيلا فى قرية ما يعزل نفسه منها بطيبة من خاطره! ولا بدّ لهذا الأمر من سبب، اذهبا إلى الأمير قراسنقر فهو أكبر الأمراء وأخبرهم بالأحوال، فركبا وسارا إلى حلب واجتمعا بقراسنقر؛ فلمّا قرأ كتاب المظفّر قال: يا إخوتى إنّا على أيمان ابن أستاذنا لا نخونه ولا نحلف لغيره ولا نواطئ عليه ولا نفسد ملكه، فكيف نحلف لغيره! والله لا يكون هذا أبدا ودعوا «٢» يجرى ما يجرى، وكلّ شىء ينزل من السماء تحمله الأرض.
ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العلىّ العظيم! فخرجا من عنده وسارا إلى طرابلس ودخلا على أسندمر فقال لهما: مثل مقالة قبجق وقرا سنقر، فخرجا وركبا وسارا نحو الديار المصريّة، ودخلا على الملك المظفر بيبرس وأعلماه بما كان، فضاق صدر المظفّر وأرسل خلف الأمير سلّار النائب وقصّ عليه القصّة، فقال له سلّار: هذا أمر هيّن ونقدر (أن) نصلح هؤلاء، فقال: وكيف السبيل إلى ذلك؟ قال: تكتب إلى