للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرا سنقر كتابا وترقّق له فى الكلام، وأرسل إليه تقليدا بنيابة حلب وبلادها، وأنّه لا يحمل منه الدّرهم الفرد، وكذا لقبجق بحماة، ولأسندمر بطرابلس والسواحل، فقال بيبرس: إذا فرّقت البلاد عليهم ما يساوى ملكى شيئا! فقال له سلّار: وكم [من] يد تقبّل عن ضرورة وهى تستحقّ القطع! فاسمع منّى وأرضهم فى هذا الوقت، فإذا قدرت عليهم بعد ذلك افعل بهم ما شئت؛ فمال المظفّر إلى كلامه وأمر أن يكتب بما قاله سلّار لكلّ واحد على حدته، فكتب ذلك وأرسله مع بعض خواصّه.

وأمّا أمر الملك الناصر محمد بن قلاوون فإنّ الملك المظفّر لمّا تسلطن وتمّ أمره كتب له تقليدا بالكرك، وسيّره له على يد الأمير آل ملك، ومنشورا بما عيّن له من الإقطاعات. وأمّا أمر قرا سنقر فإنّه جهّز ولده محمدا إلى الملك الناصر محمد بالكرك، وعلى يده كتابه وكتاب قبجق نائب حماة وكتاب أسندمر نائب طرابلس. ومضمون كتاب قرا سنقر: أنّه يلوم الملك الناصر عن نزوله عن الملك، وكيف وقع له ذلك ولم يشاوره فى أوّل الأمر، ثمّ وعده برجوع ملكه إليه عن قريب، وأنّه هو وقبجق وأسندمر ما حلفوا للمظفر، وأنّهم مقيمون على أيمانهم له. وكذلك كتاب قبجق وكتاب أسندمر، فأخذ الأمير ناصر الدين محمد بن قرا سنقر كتب الثلاثة وسار مسرعا ومعه نجّاب «١» خبير بتلك الأرض، فلم يزالا سائرين فى البريّة والمفاوز إلى أن وصلا إلى الكرك،.

وابن قرا سنقر عليه زىّ العرب، فلمّا وقفا على باب الكرك سألوهما من أين أنتما؟

فقالا: من مصر، فدخلوا وأعلموا الملك الناصر محمدا بهما واستأذنوه فى إحضارهما، فأذن لهما بالدخول؛ فلمّا مثلا بين يديه كشف ابن قراسنقر لثامه عن وجهه فعرفه السلطان، وقال له: محمد؟ فقال: لبيّك يا مولانا السلطان، وقبّل الأرض وقال:

لا بدّ من خلوة، فأمر السلطان لمن حوله بالانصراف، فعند ذلك حدّث