للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنفسه. وقبل أن يطلع الفجر من اليوم المذكور وصل إلى القاهرة الأمير بهادر جك «١» بكتاب الأمير برلغى المذكور وطلع إلى السلطان، فلمّا قضى الملك المظفّر صلاة الصبح تقدّم إليه بهادرجك وعرّفه بوصول أكثر العسكر إلى الملك الناصر وناوله الكتاب، فلمّا قرأه بيبرس تبسّم وقال: سلّم على الأمير برلغى، وقل له لا تخش من شىء، فإنّ الخليفة أمير المؤمنين قد عقد لنا بيعة ثانية وجدّد لنا عهدا، وقد قرئ على المنابر، وجدّدنا اليمين على الأمراء، وما بقى أحد يجسر أن يخالف ما كتب به أمير المؤمنين! ثم دفع إليه العهد الخليفتى وقال: امض به إليه حتى يقرأه على الأمراء والجند ثم يرسله إلىّ، فإذا فرغ من قراءته يرحل بالعساكر إلى الشام وجهّز له بألفى دينار أخرى، وكتب جوابه بنظير المشافهة، فعاد بهادر جك إلى برلغى.

فلمّا قرأ عليه الكتاب وانتهى إلى قوله: وأنّ أمير المؤمنين ولّانى تولية جديدة وكتب لى عهدا وجدد لى بيعة ثانية، وفتح العهد فإذا أوّله: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

فقال برلغى: ولسليمان الريح! ثم التفت إلى بهادر جك وقال له، قل له: يا بارد الذقن، والله ما بقى أحد يلتفت إلى الخليفة، ثم قام وهو مغضب. وكان سبب تجديد العهد للملك المظفّر هذا أنّ الأفرم نائب الشام لمّا ورد كتابه على المظفّر أنه حلّف الأمراء بدمشق ثانيا، وبعث بالشيخ صدر الدين محمد ابن عمر [بن مكّى بن عبد الصمد الشهير «٢» بابن] المرحّل إلى الملك المظفّر فى الرسليّة، صار صدر الدين يجتمع به هو وابن عدلان «٣» وصار الملك المظفّر يشغل وقته بهما، فأشارا عليه بتجديد العهد والبيعة وتحليف الأمراء، وأنّ ذلك يثبّت به قواعد ملكه