وقرئ هذا العهد على منابر الجوامع بالقاهرة، فلمّا «١» بلغ القارئ إلى ذكر الملك الناصر صاحت العوامّ: نصره الله نصره الله! وكررت ذلك. وقرأ، فلمّا وصل إلى ذكر الملك المظفّر صاحوا: لا، ما نريده! ووقع فى القاهرة ضجّة وحركة بسبب ذلك.
انتهى.
ثم قدم على الملك المظفّر من الشام على البريد الأمير بهادر آص يحثّ الملك المظفر على الخروج إلى الشام بنفسه، فإن النوّاب قد مالوا كلّهم إلى الملك الناصر، فأجاب أن لا يخرج، واحتجّ بكراهيته للفتنة «٢» وسفك الدماء، وأنّ الخليفة قد كتب بولايته وعزل الملك الناصر فإن قبلوا وإلّا ترك الملك. ثم قدم أيضا الأمير بلاط بكتاب الأمير برلغى، وفيه أن جميع من خرج معه من أمراء الطبلخاناه لحقوا بالملك الناصر وتبعهم خلق كثير، ولم يتأخر غير برلغى وآقوش نائب الكرك وأيبك البغدادىّ، وألدكز والفتّاح، وذلك لأنّهم خواصّ الملك المظفّر.
وأمّا الملك الناصر فإنّه سار من الكرك بمن معه فى أوّل شعبان يريد دمشق بعد أمور وقعت له؛ نذكرها فى أوائل ترجمته الثالثة. فلمّا سار دخل فى طاعته الأمير قطلوبك المنصورىّ والحاج بهادر وبكتمر الحسامىّ حاجب حجّاب دمشق وعلم الدين سنجر الجاولى. وصار الملك الناصر يتأنّى فى مسيره من غير سرعة حتّى يتبيّن ما عند أمراء دمشق الذين أخرجهم الأفرم لحفظ الطرقات قبل ذلك، فكتبوا أمراء دمشق المذكورون إلى الأفرم أنّه لا سبيل لهم إلى محاربة الملك الناصر، وأرادوا بذلك إمّا أن يخرج بنفسه فيقبضوه أو يسير عن دمشق إلى جهة أخرى فيأتيهم بقيّة الجيش وكان كذلك. فإنّه لما قدم كتابهم عليه بدمشق شارع بين الناس مجىء الملك