كان ذلك لى شهادة؛ فلمّا سمع الملك الناصر ذلك، عيّن له صهيون على ما نذكره.
وأمّا ما كتبه المظفّر على يد بيبرس الدوادار يسأله فى إحدى ثلاث: إمّا الكرك وأعمالها، أو حماة وبلادها، أو صهيون ومضافاتها.
ثم اضطربت أحوال المظفّر وتحيّر وقام ودخل الخزائن وأخذ من المال والخيل ما أحبّ، وخرج من يومه من باب الإسطبل فى مماليكه وعدّتهم سبعمائة مملوك، ومعه من الأمراء: الأمير عزّ الدين أيدمر الخطيرىّ الأستادار، والأمير بكتوت الفتّاح والأمير سيف الدين قجماس والأمير سيف الدين تاكز فى بقية ألزامه من البرجيّة، فكأنّما نودى فى الناس بأنّه خرج هاربا، فاجتمع العوامّ، وعند ما برز من باب الإسطبل صاحوا به وتبعوه وهم يصيحون عليه بأنواع الكلام، وزادوا فى الصياح حتّى خرجوا عن الحدّ، ورماه بعضهم بالحجارة. فشقّ ذلك على مماليكه وهمّوا بالرجوع إليهم ووضع السيف فيهم فمنعهم الملك المظفّر من ذلك، وأمر بنثر المال عليهم ليشتغلوا بجمعه عنه، فأحرج كلّ من المماليك حفنة من الذهب ونثرها، فلم يلتفت «١» العامّة لذلك وتركوه وأخذوا فى العدو خلفه وهم يسبّون ويصيحون، فشهر المماليك حينئذ سيوفهم ورجعوا إلى العوامّ فانهزموا منهم. وأصبح الحرّاس بقلعة الجبل فى يوم الأربعاء سابع عشر شهر رمضان يصيحون باسم الملك الناصر، وأسقط اسم الملك المظفّر بإشارة الأمير سلّار بذلك، فإنّه أقام بالقلعة ومهّد أمورها بعد خروج المظفّر إلى إطفيح. وفى يوم الجمعة تاسع عشره خطب على منابر القاهرة ومصر باسم الملك الناصر، وأسقط اسم الملك المظفّر بيبرس هذا وزال ملكه.