فقرّبه السلطان وأثنى عليه ووعده بكلّ جميل إن أظهره على ذخائر المظفّر بيبرس.
فنزل كريم الدين إلى داره وتتبّع أموال بيبرس وبذل جهده فى ذلك، ثم انتمى كريم الدين إلى طغاى وكستاى وأرغون الدّوادار الناصرية، وبذل لهم مالا كثيرا حتى صاروا أكبر أعوانه، وحموه من أستاذهم الملك الناصر، ثم قدم من كان مع المظفّر بيبرس من المماليك ومعهم الهجن والخيل والسلاح، ومبلغ مائتى ألف درهم «١» وعشرين ألف دينار، وستون بقجة من أنواع الثياب، فأخذ السلطان جميع ذلك، وفرّق المماليك على الأمراء ما خلا بكتمر الساقى لجمال صورته وطوغان الساقى وقراتمر.
ثم استدعى الملك الناصر القضاة وأقام عندهم البيّنة بأن جميع مماليك المظفّر بيبرس وسلّار، وجميع ما وقفاه من الضّياع والأملاك اشترى من بيت المال. فلمّا ثبت ذلك ندب السلطان جمال الدين آقوش الأشرقىّ نائب الكرك، وكريم الدين أكرم لبيع تركة المظفّر بيبرس وإحضار نصف ما يتحصّل، ودفع النصف الآخر لابنة المظفّر زوجة الأمير برلغى الأشرفىّ، فإنّ المظفّر لم يترك من الأولاد سواها، فشدّد كريم الدين الطلب على زوجة المظفّر وابنته حتى أخذ منهما جواهر عظيمة القدر، وذخائر نفيسة؛ ثم تابع موجود المظفّر فوجد له شيئا كثيرا.
السنة التى حكم فى أوّلها الملك المظفّر بيبرس الجاشنكير على مصر إلى شهر رمضان «٢» ، ثم حكم فى باقيها الملك الناصر محمد بن قلاوون، وهى سنة تسع وسبعمائة، على أن الملك المظفّر بيبرس حكم من السنة الماضية أياما.