فى أيام المواكب يغلق أيدغمش باب الإسطبل السلطانى، ويوقف طائفة من الأوجاقية عليه، فاشتهر الخبر بين الناس وكثرت الفالة، وبلغ قوصون تغير خاطر أيدغمش عليه، فخلف للأمراء أنه ما يعرف لتغيره سببا، فما زالت الأمراء بآيدغمش حتى طلع القلعة، وعرّف قوصون بحضرة الأمراء ما بلغه، فخلف قوصون على المصحف أن هذا لم يقع منه، ولا عنده منه خبر وتصالحا. وبعث إليه أيدغمش بعد نزوله إلى الإسطبل الناقل إليه فردّه قوصون إليه ولم يعاقبه.
ثم قدم الخبر بوفاة الأمير بشتك الناصرىّ المقدم ذكره بمحبسه بثغر الإسكندريّة، فاتّهم قوصون بقتله، وكان الأمير قوصون قد أنشأ قاعة لجلوسه مع الأمراء من داخل باب القلّة «١» ، وفتح فيها شبّاكا يطلّ على الدّركاه، وجلس فيه مع الأمراء، ومدّ سماطا بالقاعة المذكورة وزاد فى سماطه من الحلوى والدّجاج والإوزّ ونحو ذلك، وأكثر من الخلع والإنعامات، وصار يجلس مع الأمراء بالقاعة المذكورة، فلمّا قدم الخبر بموت بشتك تغيّر خاطر جماعة كثيرة من الأمراء وغيرهم لموته، فما زال بهم قوصون حتّى صالحهم وحلف لهم.
ثم قدم الخبر من عبد المؤمن والى قوص بأن الملك المنصور أبا بكر وجد فى نفسه تغيّرا، وفى جسده توعّكا لزم الفراش منه أياما ومات، واتّهم قوصون أيضا بأنّه أمر عبد المؤمن بقتله، فتغيّر لذلك خاطر الأمراء والمماليك الناصرية قاطبة وهم يوم ذاك عساكر الإسلام ومن سواهم فقليل.