للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على خلاف في" الأمارة "المماثلة لها" دليله أنه صلى الله عليه وسلم لما أمر الصحابة أن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة وخشوا خروج الوقت قبل دخولها أي بني قريظة صلى جماعة عملا بظنهم أن الأمر مقيد بعدم خروج الوقت وعمل آخرون بخلافه ظنا أنه أمر مطلق فهذا عمل عن أمارة لم يرد المنع من الشرع بالعمل بها وقد تعارضت الأمارتان الإطلاق والتقييد إذ الكل قد ورد في الشرع فعملت كل طائفة بأمارة وأقرهم صلى الله عليه وسلم على ذلك وإنما اختلف في الأمارة المماثلة لما عارضها لأنه يكون العمل بإحداهما دون الأخرى تحكما ومن خالف قال هو مخير بين الأمارتين لتماثلهما.

"وشرط الرواية عدم تعمد الكذب" فهذا شرط في الراوي أن لا يتعمد كذبا "لا سوى" لا غير ذلك من الشروط إلا أنه لا يخفى أن شرط الراوي العدالة وهي أخص من هذا الذي ذكر ولا يصح أن يريد تعمد الكذب مع العدالة فإن عدم تعمده داخل في مفهومها "وإليه الإشارة بحديث "من كذب علي متعمدا" ١" أو إلى أن شرط الرواية عنه صلى الله عليه وسلم عدم تعمد الكذب وهذا مشكل إذ يلزم منه قبول رواية من ليس بمسلم إلا أن يريد مع كونه مسلما ثم رأيت المصنف قد أورد هذا السؤال على نفسه في مسألة قبول كفار التأويل وأجاب عنه بما يأتي.

واعلم أن بين الرواية والعمل عموما وخصوصا من وجه فقد يعمل بالقياس وقد يروى المنسوخ فما كل عمل برواية ولا كل رواية يعمل بها ويجتمعان في رواية يعمل بها وحينئذ يتحد شرط الرواية وشرط العمل فالتفرقة بين شرط الرواية وشرط العمل ليس له كثير فائدة على تقدير ثبوته وكأنه يريد أن هذا شرط لرواية لا يعمل بها كالإسرائيلات ونحوها لكنه لا يساعد عليه قوله هل جاز العمل أو لم يجز ويريد سواء عمل بها أو لم يعمل واستعمال هل في هذا المعنى لا أعرفه في العربية ويحتمل أن النسخة غلطا إلا أنى قد قابلتها على نسخ من التنقيح.

"فقد يروي الثقة" التعبير بالثقة عود إلى شرط رواية العمل وكان الأولى فقد يروى من لم يتعمد الكذب "المنسوخ والمرجوح وعن الثقة والضعيف والمجروح" مما لا يعمل به "بل قد صح: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة٢ أي لا إثم عليكم ولا تضييق في الحديث عنهم والمراد التحديث عن أحوالهم


١ سبق تخريجه.
٢ أبو داود ٣٦٦٢. والترمذي ٢٦٦٩. وأحمد ٢/١٥٩, ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>