للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتصاريفها وتقلبهم في البلاد لا عما يخبرون به عن الله وعن كتبه مما ل يصدقه كتابنا ولا كلام رسولنا صلى الله عليه وسلم وذلك لأنه تعالى قد حكى أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه وأن منهم أميون لا يعملون الكتاب إلا أماني ويحتمل أن المراد حدثوا عن المؤمنين من بني إسرائيل ما يحدثونكم به من أخبار كتبهم وأحكامها وذلك كقوله تعالى: {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: ٩٤] إلا أنه تعبد ول يتم به مراد المصنف وقد ورد في حديث آخر: "إذا حدثكم بنو إسرائيل فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم" ١ ومراد المصنف الاستدلال بأنه يؤاذن الشارع بالتحدث عن قوم ليسوا بمسلمين فضلا عن المجاريح.

"وقد يروى عن المجروح متقويا به وهو متعمد" في العمل "على عموم أو قياس أو" معتمد "على الأصل وهو" أحد الأمرين "الإباحة أو الحظر على حسب رأيه في ذلك" إذ العلماء مختلفون هل الأصل في الأشياء هو الإباحة أو الخطر كما هو معروف في الأصول "ولو لم يكن معه إلا الحديث الذي رواه لم يستجز العمل" وإن جاز أن يرويه فعمل الراوي بالحديث الضعيف لا يدل على أنه مستند إليه إلا أنه يشكل على هذا قولهم العمل على وفق الحديث الضعيف يدل على قوته أو على أن له أصلا.

"أقصى ما في الباب أن يجويز هذا ضعف عند الناظر فيه" إذ التجويزات تحمل جزم الثقات في الروايات على أنهم جزموا بالرواية عن الضعفاء والمجاريح تجويز مستبعد ضعيف "لكنا قد رأينا العلماء والثقات يذهبون إلى مذاهب ضعيفة ولأجل تجويز ذلك عليهم" على العلماء والثقات "امتنع جواز تقليد المجتهد لهم بعد اجتهاده" فيه أبحاث:

الأول: أن امتناع تقليد المجتهد ليس لأجل أن المجتهد والرواة قد يذهبون إلى مذاهب ضعيفة بل علة امتناع تقليده لغيره هو الإجماع كما نقله ابن الحاجب واستدل به وأقره العضد وغيره وتبعه الآخذون من كتابه كالفصول ومؤلف الغاية وشرحها وإنما الخلاف هل يجوز له أن يقلد قبل اجتهاده في الحادثة فالجمهور على أنه أيضا يحرم عليه التقليد لغيره لأنه مأمور باتباع ظن نفسه الحاصل عن الأدلة لا باتباع ظنون المجتهدين واستدلوا أيضا على تحريمه بأن جواز تقليده لغيره حكم شرعي لا بد من الدليل عليه ولا دليل وبأن التقاليد بدل عن الاجتهاد جوز ضرورة لمن لا يمكنه


١ أحمد ٤/١٣٦, والحاكم ٣/٣٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>