للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتهاد ولا يجوز الأخذ بالبدل مع التمكن من المبدل منه كالضوء واليتيم ولأن عمله يخالف ظنه جرأة منه محرم.

الثاني: قوله إنه جعل قبول خبر الثقات تقليد وقد تقدم له أن قبول خبر الثقات ليس بتقليد اعترض بذلك عبارة الحافظ ابن حجر في عدد أحاديث البخاري.

الثالث: قوله "وامتنع الاحتجاج بأقوالهم" إن أراد احتجاج المجتهد فهو الأول إذ الاحتجاج بها تقليد لهم وإن أراد احتجاج المقلد لهم فمشكل لأن أقوال المجتهدين حجة في حقه سواء كانت لهم مذاهب ضعيفة أولا فإنهم لم يشترطوا في الأصول أنه لا يقلد إلا مجتهدا ليس له قول ضعيف وإن أراد الاحتجاج بروايات المرسلين فمع عدم وضوح عبارته في هذا المراد فهو غير صحيح إذ هو محل للنزاع.

"ولذلك" أي ولأجل أن التجويز والاحتمال يمنع من الجزم بنسبة القول المحتمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان المختار الذي صححه المنصور بالله وأبو طالب والجمهور أن الصحابي إذا قال قولا في أمر الشريعة" من تلقاء نفسه ولم ينسبه إليه صلى الله عليه وسلم "لم يكن حكمه حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم: متى كان يحتمل وجها في الاجتهاد صحيحا أو فاسدا فجعلوا احتمال الوجه الفاسد مانعا من الجزم بنسبة القول إلى النبي صلى الله عليه وسلم" فكذلك إذا احتمل قول التابعي أو غيره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عن ضعيف أو مجروح كان مانعا عن كون الصيغة الجازمة تدل على ثقة المرسل بصحة ما أرسله.

"فمتى قدرنا أن قول الثقة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل أنه يستجيزه الثقة إذا سمعه من مجروح يظن صدقه فيستحل بروايته" التي رواها عن المجروح "الراوية دون العمل امتنع الجزم بصحته سواء كان هذا الاحتمال صحيحا في نظرنا نحن أو ضعيفا" كما أن قول الصحابي الذي احتمل وجها في الاجتهاد فاسدا ولا يحل معه نسبة ما قاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فمجرد الاحتمال مانع إلا أنه لا يخفى الفرق بين المسألتين فإن الصحابي لم ينسب قوله إليه صلى الله عليه وسلم بخلاف المرسل فإنه نسبه إليه صلى الله عليه وسلم ثم الاحتمال في كلام الصحابي واضح بل الأصل أنه حيث لم ينسبه ليس إلا قولا له بخلاف الثقة المرسل فقد نسب ما رواه إليه صلى الله عليه وسلم فالعلة هي ما يفيده مما يأتي قريبا ثم إن من في كلام المصنف ما يشعر بأنه إذا لم يحتمل كلام الصحابي وجها في الاجتهاد جاز

<<  <  ج: ص:  >  >>