للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسبة كلامه صلى الله عليه وسلم إليه وفيه بحث ظاهر وكن يغني عن قوله ولذلك كان المختار إلى آخره.

قوله: "قالوا وكيف لا يجوز هذا" أي يجعله جائزا عن الثقات "وقد جربناه في حق كثير من الثقات" قد قدمنا شطرا من أمثلة ذلك "والتجويز بعد التجوبة ضروري لا يمكن الإنفكاك عنه" وصف كاشف للضروري وهذا هو الدليل الناهض على رد المرسل ولما استشعر من هذا أنه يقال وكيف يجوز للثقة أن يروي عن المجروح ويجزم بنسبة ما يحدث به إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أجاب عنه بقوله "وإذا جاز هذا عليهم" أي الثقات "على جهة التأويل" منهم للإرسال عن المجاريح "لم يكن جرحا فيهم" في الثقات المرسلين لأنه بالتأويل ينتفي الجرح والتأويل هو ما تقدم وبيان أنه ليس بجرح بعد التأويل "لأن المسألة إن كانت ظنية فلا إثم عليهم وهي كذلك" أي ظنية "ولو كان خطؤهم قطعيا" من باب الفرض "فلا دليل على أنه فسق وذنب المتأول إذا لم يبلغ الفسق لم يقدح به إجماعا" فكذلك لم يكن إرسال الثقات عن المجاريح قادحا في الثقات فإذا بلغ ذنب المتأول الفسق كانت مسألة فساق التأويل وسنأتي.

"هكذا ذكره أصحابنا" كأنه يريد من قوله وذنب المتأول بدليل قوله "وذلك كخطأ المعتزلة عندنا في الإمامة" فإنهم يقولون الإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الترتيب الواقع بعد وفاته ويقولون بجوازها في غير أولاد علي رضي الله عنهم وفاطمة عليهم السلام والزيدية يقولون إن مسألة الإمامة قطعية ومخالفة القطعي عندهم فسق فليس التمثيل به كالممثل له "فثبت أنه يجوز على الثقة انه يستجيز إرسال الحديث عن المجروح وإنا لو عرفنا أنه" أي الإرسال عن المجروح "فعله مستحلا لم نقدح في عدالته" الذي سلف قريبا أنه لا يقدح في عدالته بذلك إن فعله متأولا وهذا ينافي ما سلف والذي تقدم هو الحق إذ من يستحل الرواية عن المجاريح والوضاعين والكذابين فقد استحل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحلاله كبيرة وقيل كفر.

"الأمر الثاني" من اعتذار المحدثين عن قبول مرسل الثقة الذي جزم بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم أنه قال المحدثون "سلمنا أن الثقة لا يصح على كل تقدير أن يستجيز الرواية" أي الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم "إلا حيث يجوز العمل وأن ذلك" أي استحلاله الرواية دون العمل "لو فرض صدوره عنه كان قدحا في عدالته"

<<  <  ج: ص:  >  >>