للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعالى١، ولهم تأويلات مختلفة في نفي تلك الصفة عن الله، ولكنّ مؤدى الكل واحد من حيث تعطيل الله جلّ وعلا عن الاتصاف بهذه الصفة العظيمة، وتحريفها عن الاستواء إلى الاستيلاء٢.

وقد ناقشهم الشيخ الأمين -رحمه الله- مناقشة علمية رصينة أظهر من خلالها كثيراً من التحريفات التي وقعوا فيها، واستوعب مزاعمهم وأدلتهم التي جمعوها، وبيّن أنهم بهذه المزاعم يريدون التوصل إلى نفي الاستواء عن الله سبحانه وتعالى.

ومن هذه المزاعم التي ذكروها: قالوا: إنّ قوله: على العرش استوى مجاز؛ فنفوا الاستواء؛ لأنه مجاز، وقالوا: معنى استوى: استولى. وشبهوا استيلاءه باستيلاء بشر بن مروان على العراق. وقالوا أيضاً: إنّ الاستواء يوهم غير اللائق بالله لاستلزامه مشابهة استواء الخلق، فجاؤوا بالاستيلاء لأنه هو اللائق به بزعمهم٣.

ونبّه -رحمه الله- إلى مشابهة المؤولة لليهود الذين بدلوا كلام الله وحرفوه، فغضب الله عليهم ولعنهم، وذكر أنّ المؤولة سلكوا الطريق نفسه الذي سلكه اليهود؛ فقال -رحمه الله- مبينا هذا المعنى: (ولو تدبروا كتاب الله لمنعهم ذلك من تبديل الاستواء بالاستيلاء، وتبديل اليد بالقدرة، أو النعمة؛ لأنّ الله جلّ وعلا يقول في محكم كتابه في سورة القرة: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا منهم قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُون} ٤، ويقول في الأعراف: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا


١ انظر: منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص٢٧، ٢٨.
٢ انظر: الإرشاد ص٤٠، ٤١. وشرح الأصول الخمسة لعبد الجبار المعتزلي ص٢٢٦، ٢٢٧. وانظر أيضاً: مختصر الصواعق المرسلة ٢/٣٧٩، ٣٨٠.
٣ انظر: أضواء البيان ٧/٤٥٢. وانظر أيضاً: المصدر نفسه ٧/٤٥٤. وآداب البحث والمناظرة ٢/١٣٥. ورحلة الحج ص٨٤.
٤ سورة البقرة الآية [٥٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>