للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرشيد جعل ابنه الأمين فى حجره ثم جعله فى حجر الفضل (١) بن يحيى البرمكى، وولاه على خراسان ثم صرفه عنها سنة ١٧٣ للهجرة (٢)، ولعله لذلك كله كان يضطغن على يحيى البرمكى ويروى أن يحيى حاول أن يسند إليه بعض الأعمال فكتب إليه يستعفيه برسالة يقول فيها (٣):

«شكرى لك على ما أسألك الخروج منه شكر من نال الدخول فيه، فأما عذرى فى تطويل الكتاب إليك فلم يذهب. على أن وجوه الحوائج قد يكثر الكلام فيها وتشتد قراءتها، وإن من الحق على الراغب الاكتفاء ببعض ما بلغ، وإن نفسى جاشت بعظم حاجتها».

ومن الكتّاب لعصر الرشيد أيضا عمر بن مهران كاتب (٤) الخيزران أم الرشيد، وقد ولاه الرشيد على خراج مصر سنة ١٧٦ للهجرة وكان بعض أهلها قد اعتادوا المطل بالخراج وكسره، فأحضر عمر أشدهم مدافعة وإلطاطا (٥) فاستمهله مدة، فأمهله، ثم طالبه ثانية، فأقسم عمر أن لا يؤديه إلا ببغداد. وسرعان ما قدم له الخراج فلم يقبله منه، وحمله إلى بغداد فأدّى الخراج بها، وخاف الماطلون، فأدّوا خراجهم، وكتب عمر مع الرجل إلى الرشيد (٦):

«إنى دعوت بفلان وطالبته بما عليه من الخراج فلوانى واستنظرنى (٧)، فأنظرته ثم دعوته فدافع ومال إلى طاط؟ ؟ ؟ ، فآليت أن لا يؤديه إلا فى بيت المال بمدينة السلام، وجملة ما عليه كذا وكذا وقد أنفذته مع فلان، فإن رأى أمير المؤمنين أن يكتب إلىّ بوصوله فعل إن شاء الله».

ونخرج إلى عصر الأمين، ويتولى وزارته ورياسة دواوينه الفضل بن الربيع، ويظل إسماعيل بن صبيح على ديوان الرسائل، ويروى الطبرى أنه لما عزم الأمين على خلع المأمون أشار عليه إسماعيل أن يكتب إليه بحاجته له للاستعانة برأيه ويسأله القدوم عليه، فقال الفضل للأمين: القول ما قال يا أمير المؤمنين، قال


(١) الجهشيارى، ص ١٩٣.
(٢) النجوم الزاهرة ٢/ ٧٢.
(٣) كتاب الصناعتين لأبى هلال (طبعة الحلبى) ص ٣٣٨ وانظر الجهشيارى ص ١٧٩.
(٤) الجهشيارى ص ٢١٨ وانظر النجوم الزاهرة ٢/ ٧٨ وما بعدها.
(٥) إلطاطا: جحودا ومما طلة.
(٦) طبرى ٦/ ٤٥٩.
(٧) لوانى: مطلنى. استنظرنى: استمهلنى وأجلنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>