للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمين فليكتب بما رأى، فكتب إليه الرسالة التالية (١):

«من عند الأمين محمد أمير المؤمنين إلى عبد الله بن هرون أمير المؤمنين، أما بعد فإن أمير المؤمنين روّى (٢) فى أمرك والموضع الذى أنت فيه من ثغرك وما يؤمل فى قربك من المعاونة والمكانفة (٣) على ما حمّله الله وقلّده من أمور عباده وبلاده، وفكر فيما كان أمير المؤمنين الرشيد أوجب لك من الولاية وأمر به من إقرارك على ما تصيّر إليك منها. ورجا أمير المؤمنين أن لا يدخل عليه وكف (٤) فى دينه، ولا نكث فى يمينه إذ كان إشخاصه إياك فيما يعود على المسلمين نفعه، ويصل إلى عامتهم صلاحه وفضله. وعلم أمير المؤمنين أن مكانك بالقرب منه أسدّ للثغور، وأصلح للجنود، وآكد للفيئ، وأردّ على العامة، من مقامك ببلاد خراسان، منقطعا عن أهل بيتك، متغيبا عن أمير المؤمنين وما يجب الاستمتاع به من رأيك وتدبيرك. . فاقدم على أمير المؤمنين على بركة الله وعونه، بأبسط أمل، وأفسح رجاء، وأحمد عاقبة، وأنفذ بصيرة، فإنك أولى من استعان به أمير المؤمنين على أموره، واحتمل عنه النّصب فيما فيه صلاح أهل بيته وذمته، والسلام.

والرسالة تحمل خصائص إسماعيل وما كان يعنى به فى كتابته من إجادة القول وإتقانه، وهى إجادة تردّ إلى دقته فى اختيار الألفاظ والصياغات بحيث تصبح مظهرا للجمال الفنى الأدبى، وبحيث يجد فيها السامع من لذة الكلام ما يمتعه ويروعه.

ومن الكتّاب البلغاء الذين عملوا فى دواوين الأمين موسى (٥) بن عيسى بن يزدانيروذ، وقد احتفظ ابن طيفور برسالة له إلى الأمين يتحدث فيها عن موسم الحج وسلامته ودعته، وهى تجرى على هذا النمط (٦)

«أما بعد فإن الله بحمده ومنّه هو ولىّ أمير المؤمنين وولىّ النعمة عليه فيما حمّله واستحفظه، وجعله القائم به والمحافظ عليه، من ولاية دينه ورعاية أهله،


(١) الطبرى ٧/ ١١.
(٢) روى: فكر.
(٣) المكانفة: المساعدة.
(٤) وكف: عيب وفساد.
(٥) الجهشيارى ص ٢٨٩.
(٦) جمهرة رسائل العرب ٣/ ٣٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>