للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك باسط اليدين إلى الخي‍ ... ر صفوح عن الذنوب غفور

أمّن الناس واستفاض به العد ... ل فلا خائف ولا مقهور

وله فى المتوكل وراء مدائحه تهنئة بعيد المهرجان، ونراه يسوق فى فاتحتها دعوة للصبوح بالحمر من أيدى الخرّد الغيد، ويشيد بمجالسها وما فيها من غناء تهفو إليه النفوس، ثم يأخذ فى مديح المتوكل وأن خلافته تفتح للناس أبواب الرحمة على مصاريعها وما تزال تمسهم بأجنحة من الرفق والعطف، ويعلن فى صراحة صريحة أنه خراسانى من شيعة بنى العباس أصحاب الرايات السود شعارهم أو كما يسميها الخرق السود، يقول (١):

نحن أبناء هذه الخرق السّو ... د وأهل التشيّع المحمود

وأروع من هذه التهنئة تهنئة المتوكل بقضاء قائده بغا قضاء مبرما على إسحق ابن إسماعيل الثائر بأرمينية وهى أرجوزة أنشدها ارتجالا، وفيها يصور بأس الجيش العباسى فى تلك الحرب، وكيف كان يهدم الحصون هناك بمجانيق ترسل عليهم صواعق من حجارة السجيل، يشير بذلك إلى سورة الفيل، وقد تخلل الاقتباس منها أبياته (٢)، وهى تدل على طواعية الشعر له وأنه كان يصدر فيه عن نبع غزير.

ويدخل ابن الجهم السجن، ويتحول من مديح المتوكل إلى استعطافه، ونراه فى ميمية قدّمها إليه يذكر سنّه التى أشرفت على الخمسين، وكيف أن الناس أخذوا ينكرونه لإن‍؟ ؟ ؟ الخليفة له، ويظل يأسى لقلة الصديق حتى يقول للمتوكل مستعطفا (٣):

أما وأمير المؤمنين لقد رمى ال‍ ... ‍عدوّ فلا نكسا ولا متهضّما

ولا ناسيا ما كان من حسن رأيه ... لخطّة خسف سامنيها محتّما

فخطة الخسف والظلم والهوان ستنقشع عنه، ولكنها لم تنقشع، فعاد إلى


(١) الديوان ص ٣٥.
(٢) الديوان ص ١٧٦.
(٣) الديوان ص ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>