للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيطان يمشى فى ساعة من المشرق إلى المغرب فى لعنة الله. وقيل له: فلان يمشى على الماء ويطير فى الهواء، فقال: الطير يطير فى الهواء والسمك يمر على الماء (١).

وجاء رجل إلى سهل التسترى المتوفى سنة ٢٧٣. فقال له: إن الناس يقولون إنك تمشى على الماء، فقال له: سل مؤذّن المحلّة، فإنه رجل صالح لا يكذب، قال: فسألته، فقال المؤذن: لا أدرى هذا. ولكنه نزل حوض الماء فى بعض الأيام ليتطهر، فوقع فى الماء، فلو لم أكن أنا لبقى فيه (٢). ويروى عن بعض الصوفية أنه قال: كان فى نفسى شئ من هذه الكرامات، فأخذت قصبة من الصبيان وقمت بين زورقين، ثم قلت: وعزّتك لئن لم تخرج لى سمكة قدرها ثلاثة أرطال لأغرقنّ نفسى. قال: فخرجت لى سمكة قدرها ثلاثة أرطال، فبلغ كلامه الجنيد. فقال: كان حقه أن تخرج له أفعى تلدغه.

والمهم أن التصوف نشر بهذه الحكايات المتصلة باحتمال المتصوفة لأثقال الشظف وما اعتقدته العامة فيما جرى على أيديهم من الكرامات أدبا شعبيّا قصصيّا كان يدور بين الناس. ولون ثالث من هذه الحكايات كان يقص أخبار المتصوفة لعل خير ما يصوره كتاب أخبار الحلاج. وهو أخبار وحكايات عنه بألسنة تلاميذه. تحمل أحواله وآراءه ومعتقده، فمن ذلك ما رواه تلميذه إبراهيم الحلوانى.

قال (٣):

«دخلت على الحلاج بين المغرب والعشاء. فوجدته يصلى، فجلست فى زاوية الميت. كأنه لم يحسّ بى لاشتغاله بالصلاة. فقرأ سورة البقرة فى الركعة الأولى، وفى الركعة الثانية آل عمران، فلما سلّم سجد وتكلّم بأشياء لم أسمع بمثلها.

فلما خاض فى الدعاء رفع صوته كأنه مأخوذ عن نفسه، ثم قال: يا إله الآلهة ويا ربّ الأرباب ويا من {(لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)} ردّ إلىّ نفسى لئلا يفتتن بى عبادك، يا هو أنا، وأنا هو، لا فرق بين إنّيّتى (وجودى) وهويّتك إلا الحدوث والقدم. ثم رفع رأسه ونظر إلىّ وضحك فى وجهى ضحكات. ثم قال: يا أبا إسحق أما ترى أن ربى ضرب قدمه فى حدوثى حتى استهلك حدوثى فى قدمه، فلم


(١) القشيرى ص ١٦٣.
(٢) القشيرى ص ١٦٤.
(٣) أخبار الحلاج ص ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>