للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإسكندرية من شاذلة فى الجزائر الشيخ أبو الحسن الشاذلى المتوفى سنة ٦٥٦ ويؤسس بها الطريقة الشاذلية، ويتبعه خلق كثير فى الإسكندرية والقاهرة، ونراه هو وأتباعه ومريديه فى مقدمة الصفوف التى دمّرت فى موقعة المنصورة سنة ٦٤٧ حملة لويس التاسع، بفضل ما أذكوه فى المجاهدين لأعداء الله من حماسة ملتهبة.

وتدول دولة الأيوبيين بمصر وتخلفهم دولة المماليك، وتعظم رعايتها للمتصوفة، فتبنى لهم كثيرا من الخوانق والرباطات والزوايا، ويعدّ المقريزى من الخوانق اثنتين وعشرين كان من أهمها الخانقاه البيبرسية، ويقول المقريزى: بناها ركن الدين بيبرس سنة ٧٠٧ وهى أجمل خانقاه بالقاهرة بنيانا، وكان بها أربعمائة صوفى، وكانت فيها دروس منظمة للحديث النبوى وقراءة الذكر الحكيم. ثم خانقاه سر ياقوس بناها الناصر محمد بن قلاوون سنة ٧٢٣ وكان بها مائة خلوة لمائة صوفى وبنى لها مسجدا وحماما ومطبخا، وأيضا كان ملحقا بها حمام للنساء مما يدل على أنه كان لبعض المتصوفات فيها خلوات خاصة. وخانقاه شيخون بناها سنة ٧٥٧ ورتب فيها دروسا لفقهاء المذاهب الأربعة ودرسا للقراءات ودرسا للحديث ومشيخة لسماع صحيح البخارى وصحيح مسلم. وبجانب الخانقاهات بنى أمراء المماليك للمتصوفة اثنى عشر رباطا، وكانت ترتّب لها الجرايات ومجالس الوعظ. وأصل الرباط الثغر فى دار الحرب، ولعل فى إطلاقه على زوايا المتصوفة حينئذ ما يدل على صلتهم المستمرة بالجهاد. ومن الطريف أن أحد الرباطات كان مخصصا للمتصوفات والأرامل ممن لا يجدن من يعولهن، وكانت شيختهن صوفية وعادة تكون واعظة. وبنى المماليك ستا وعشرين زاوية للعبّاد والنساك وكانت ترتّب لكل هذه الزوايا والرباطات والخانقاهات الأطعمة والحلوى والكسوة والزيت والصابون، ومن أجل ذلك حبست عليها أوقاف كثيرة.

وكان طبيعيّا أن تكثر الطرق الصوفية فى زمن هذه الدولة التى اتسعت فى رعاية المتصوفة ونلتقى فى أوائلها بأبى الحسن الشاذلى مؤسس الطريقة الشاذلية-كما قدمنا-وقد تعددت فروعها حتى بلغت أحد عشر فرعا أهمها الطريقتان: الوفائية والخلوتية. وقد تفرعت الأخيرة بدورها إلى أربعة فروع. ونلتقى بإبراهيم الدسوقى المتوفى سنة ٦٧٢ مؤسس الطريقة البرهامية، وبأحمد البدوى المتوفى بطنطا سنة ٦٩٥ مؤسس الطريقة الأحمدية وقد تعددت فروعها حتى بلغت ستة عشر فرعا.

ودخلت مصر فى أوائل أيام الأيوبيين-كما قدمنا-الطريقتان القادرية الجيلانية والرفاعية،

<<  <  ج: ص:  >  >>