للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا قرابته من الرسول صلى الله عليه وسلم. . ابن أول المسلمين إسلاما وابن بنت رسول ربّ العالمين، قتله عدوه وخذله وليّه، فويل للقاتل وملامة للخاذل. . إلا أن يناصح لله فى التوبة، فيجاهد القاتلين. . وعسى الله عند ذلك أن يقبل التوبة ويقيل العثرة. . إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل بيته وإلى جهاد المحلّين والمارقين».

وخرج التوابون من الكوفة إلى الشمال فالتقوا بجيش أموى نكّل بهم وفرق جموعهم، فارتدوا إلى الكوفة، وهناك تلقّاهم المختار الثقفى، زاعما أن ابن الحنفية-على الرغم من تبرئه منه-بعثه على الشيعة أميرا وأمره بقتال الملحدين والطلب بدماء أهل بيته. وهو يعدّ المؤسس الحقيقى لفرقة الكيسانية المشهورة فى تاريخ الشيعة، وقد مرّ بنا تصوير عقيدتها ومدى ما ذهبت إليه من غلو وإسراف، وكيف أنها كانت تدعو لابن الحنفية محمد بن على، وتعده وصيّه والإمام المهدى المنتظر. وكان المختار خارجيّا ثم صار زبيريّا ثم صار كيسانيّا (١) وكان لسنا فصيحا، من أهل الدهاء، فجمع الشيعة حوله، ووجههم بقيادة إبراهيم بن الأشتر لحرب أهل الشام فالتقوا بهم فى «خازر» وعصفوا بهم عصفا. ولم يلبث مصعب بن الزبير والى البصرة لأخيه عبد الله أن قضى عليه بعد معارك طاحنة. وكانت فى المختار شعوذة كثيرة، جعلته يتأثر فى خطابته كهنة الجاهلية، حتى كان يزعم- على نحو ما مرّ بنا فى غير هذا الموضع، أنه يوحى إليه، مصوّرا هذا الوحى فى فقرات من السجع يوشّيها بالأيمان واللفظ الغريب على شاكلة قوله (٢):

«أما وربّ البحار، والنخيل والأشجار، والمهامه (٣) والقفار، والملائكة الأبرار، والمصطفين الأخيار، لأقتلنّ كل جبّار، بكل لدن خطّار (٤)، ومهنّد بتّار (٥)، فى جموع من الأنصار، ليسوا بميل أغمار (٦)، ولا بعزل (٧) أشرار، حتى إذا أقمت عمود الدين ورأبت شعب (٨) صدع المسلمين، وشفيت


(١) الملل والنحل ص ١٠٩.
(٢) طبرى ٤/ ٤٥٠.
(٣) المهامه: الفيافى.
(٤) اللدن: الرمح، الخطار: الضارب.
(٥) المهند: السيف، البتار: القاطع.
(٦) الميل: جمع أميل وهو الجبان، الأغمار: جمع غمر وهو ناقص التجربة.
(٧) العزل: جمع أعزل وهو من لا سلاح معه.
(٨) رأب: أصلح. الشعب: الفتق والصدع.

<<  <  ج: ص:  >  >>