وَفِعلٍ غدَا للمستحِيلِ مُعانيَا
ومن ذَا الذِي أرضَى الخَلائقِ كلَّهم ... رَسولاً نبيًّا أم وليًّا وقَاضِيَا
وأَعظمُ من ذَا خالقُ الخلقِ هل تَرَى ... جميعَ الوَرَى في قِسمَةٍ منهُ راضيَا
إذا كَان ربُّ الخلقِ لم يُرضِ خَلقَهُ ... فَكيفَ بِمخلوقٍ رِضاهُم مُراجِيَا
فَلازِمْ رِضَى ربِّ العِبَادِ إذًا وَلا ... تُبالِ بِمخلوقٍ إذا كُنتَ زَاكيَا
وَسَدِّد وقَارب ما اسْتطعتَ فإنَّمَا ... يُكلَّفُ عبدٌ فِعلَ ما كانَ قَاويَا
انتهى
يَا نَفْسُ توبى فإنَّ الموتَ قد حانَا ... واعصِي الهَوى فالهَوى ما زالَ فَتانَا
أَما تَرينَ المَنايَا كيف تَلقُطنَا ... لقطًا فَتلحقُ أُخْرَانَا بأُولانَا
في كلِّ يومٍ لنَا مَيتٌ نُشيعُه ... نَرَى بِمَصرَعهِ آثَارَ مَوتَانَا
يَا نفسُ مَالي ولِلأموَالِ أَترُكُهَا ... خَلفِي وأَخرجُ من دُنياي عُريانَا
أَبَعْدَ خَمسينَ قد قَضيتُهَا لَعبًا ... قد آنَ أنْ تَقصُري قَدْ آنَ قَدْ آنَا
ما بَالُنَا نَتعامَى عن مَصَائِرنَا ... نَنْسَى بِغفلتِنَا من لَيسَ يَنْسَانَا
نَزْدَادُ حِرصًا وهذَا الدَّهرُ يَزجرَنَا ... كانَ زَاجرنَا بِالحرصِ أَغرانَا
أينَ المُلوكُ وأَبناءُ المُلوكِ وَمَن ... كَانت تَخر له الأَذقانُ إِذغانَا
صَاحتْ بهم حَادِثَاتُ الدهرِ فانْقلبُوا ... مُسْتبدلينَ من الأَوْطانِ أَوطانَا
خَلَّو مَدائنَ كانَ العِز مَفرشُهَا ... واسْتفرشُوا حُفُرًا غُبرًا وَقِيعانَا
يَا رَاكضًا في مَيادِينِ الهَوى مرحًا ... وَرَافلاً في ثِيَابِ الغَيِّ نَشوَانَا
مَضى الزمانُ وولَّى العُمرُ في لعبٍ ... يَكفيكَ مَا قَدْ مَضى قَد كانَ ما كانَ
انتهى.