ضربت وعمرا فكيف يقال إن عاملا يعمل في شيء لا يصح مباشرته إياه وأيضا فالنعت هو المنعوت في المعنى ولا واسطة بينه وبين المنعوت ومع ذلك فلا يعمل فيه ما يعمل في المنعوت على القول الذي نصرناه سالفا وهو الصحيح فكيف بالمعطوف الذي هو غير المعطوف عليه من كل وجه وأما السماع فإظهار العامل قبل المعطوف في مثل قوله:"بل بنو النجار إن لنا فيهم قتلى وإن تره" يريد لنا فيهم قتلى وتره وهذا مطرد في سائر حروف العطف ما لم يمنع مانع كما منع في المعطوف على اسم لا يصح انفراده عنه نحو اختصم زيد وعمرو وجلست بين زيد وعمرو فإن الواو هنا تجمع بين الاسمين في العامل فكأنك قلت اختصم هذان واجتمع الرجلان في قولك اجتمع زيد وعمر الواو أصل تنبني عليه فروع ومعرفة هذه الواو أصل تنبني عليه فروع كثيرة فمنها أنك تقول رأيت الذي قام زيد وأخوه على أن تكون الواو جامعة وإن كانت عاطفة لم يجز لأن التقدير يصير قام زيد وقام أخوه فخلت الصلة من العائد ومنها قوله سبحانه: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} غلب المذكر على المؤنث لاجتماعهما ولو قلت: طلع الشمس والقمر لقبح ذلك كما يقبح قام هند وزيد إلا أن تريد الواو الجامعة لا العاطفة وأما في الآية فلا بد أن تكون الواو جامعة ولفظ الفعل يقتضي ذلك وأما الفاء فهي موضوعة للتعقيب وقد تكون للتسبيب والترتيب وهما راجعان إلى معنى التعقيب لأن الثاني بعدهما أبدا إنما يجيء في عقب الأول فالسبب نحو ضربته فبكى والترتيب: {أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} دخلت الفاء لترتيب اللفظ لأن الهلاك يجب تقديمه في الذكر لأن الاهتمام به أولى وإن كان مجيء البأس قبله في الوجود ومن هذا أن من ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد بعد ذلك جده دخلت ثم لترتيب الكلام لا لترتيب المعنى في الوجود وهذا معنى قول بعض النحاة: أنها تأتي للترتيب في الخبر لا في المخبر وعندي في الآية تقديران آخران أحسن من هذا أحدهما: أن يكون المراد بالإهلاك إرادة الهلاك وعبر بالفعل عن الإرادة وهو كثير فترتب مجيء البأس على الإرادة ترتب المراد على الإرادة والثاني وهو ألطف أن يكون الترتيب