الثاني أن تخالفه بقوة أو ضعف أو كثرة أو قلة وأما أن يفهم منها الغاية والحد فلا والذي حمله على ذلك ما تقدم من المثالين ولكن فاته أن يعلم المراد بكون ما بعدها غاية وظرفا فاعلم أن المراد به أن يكون غاية في المعطوف عليه لا في الفعل فإنه يجب أن يخالفه في الأشد والأضعف والقلة والكثرة وإذا فهمت هذا فالأنبياء غاية للناس في الشرف والفضل والمشاة غاية للحجاج في الضعف والعجز وأنت إذا قلت: أكلت السمكة حتى رأسها فالرأس غاية لانتهاء السمكة وليس المراد أن غاية أكلك كان الرأس بل يجوز أن يتقدم أكلك للرأس وهذا مما أغفله كثير من النحويين لم ينبهوا عليه
فائدة:
أو وضعت للدلالة على أحد الشيئين المذكورين معها ولذلك وقعت في الخبر المشكوك فيه من حيث كان الشك ترددا بين أمرين من غير ترجيح لأحدهما على الآخر لا أنها وضعت للشك فقد تكون في الخبر الذي لا شك فيه إذا أبهمت على المخاطب ولم تقصد أن تبين له كقوله سبحانه:{إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} أي أنهم من الكثرة بحيث يقال فيهم هم مائة ألف أو يزيدون فأو دالة على أحد الشيئين إما مائة ألف بمجردها وإما مائة ألف مع زيادة والمخبر في كل هذا لا يشك وقوله: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} ذهب في هذه الزجاج كالتي في قوله: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} إلى أنها أو التي للإباحة أي أبيح للمخاطبين أن يشبهوا بهذا أو هذا وهذا فاسد فإن أو لم توضع للإباحة في شيء من الكلام ولكنها على بابها أما قوله: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} فإنه تعالى ذكر مثلين مضروبين للمنافقين في حالتين مختلفتين فهم لا يخلون من إحدى الحالتين فأو على بابها