اعليها إذا قلت: ذهب زيد لكن عمرو مقيم تريد لا ينتقل عمرو فلا لتوكيد النفي عن الأول وأن لا يجاب الفعل الثاني وهو النفي عن الأول لأنك ذكرت الذاهب الذي هو ضده فدل على انتفائه به قلت وفي هذا من التعسف والبعد عن اللغة والمعنى ما لا يخفى وأي حاجة إلى هذا بل هي حرف شرط موضوع للمعنى المفهوم منها ولا تقع إلا بين كلامين متنافيين ومن هنا قال إنها ركبت من لا والكاف وإن إلا أنهم لما حذفوا الهمزة المذكورة كسروا الكاف إشعارا بها ولا بد بعدها من جملة إذا كان الكلام قبلها موجبا شددت نونها أو خففت فإن كان ما قبلها منفيا اكتفيت بالاسم المفرد بعدها إذا خففت النون منها لعلم المخاطب أنه لا يضاد النفي إلا الإيجاب فلما اكتفيت باسم مفرد وكانت إذا خففت نونها لا تعمل صارت كحروف العطف فألحقوها بها لأنهم حين استغنوا عن خبرها بما تقدم من الدلالة كان إجراء ما بعدها على ما قبلها أولى وأحرى ليتفق اللفظ كما اتفق المعنى فإن قيل: أليس مضادة النفي للوجوب بمثابة مضادة الوجوب للنفي وهي في كل حال لا تقع إلا بين كلامين متضادين فلم قالوا ما قام زيد لكن قام عمرو اكتفاء بدلالة النفي على نقيضه وهو الوجوب ولم يقولوا قام زيد لكن قام عمرو اكتفاء بدلالة الوجوب على نقيضه من النفي قيل إن الفعل الموجب قد تكون له معان تضاده وتناقض وجوده كالعلم فإنه يناقض وجود الشك والظن والغفلة والموت وأخص أضداده به الجهل فلو قلت قد علمت الخبر لكن زيد لم يدر ما أضفت إلى زيد أظن أم شك أم غفلة أم جهل فلم يكن بد من جملة قائمة بنفسها ليعلم ما تريد فإذا تقدم النفي نحو قولك ما علمت الخبر لكن زيد اكتفى باسم واحد لعلم المخاطب أنه لا يضاد نفي العلم إلا وجوده لأن النفي مشتمل على جميع أضداده المنافية للعلم فإن قيل: فلما إذا خففت وجب إلغاؤها بخلاف إن وأن وكأن فإنه يجوز فيها الوجهان مع التخفيف كما قال:
كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم
قيل: زعم أبو علي الفارسي أن القياس فيهن كلهن الإلغاء إذا خففهن فلذلك ألزموا لكن إذا خففت الإلغاء تنبيها على أن ذلك