حرقه الأسود العنسي المتنبي باليمن لعنه الله، وكان طلب منه الارتداد عن الإسلام والشهادة له بأنه رسول من عند الله عز وجل، فأبى ذلك فحرقه بالنار، ولكن الله عز وجل حماه فلم تحرقه النار، ثم قدم أبو مسلم المدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فأناخ راحلته بباب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل المسجد، فصلى إلى سارية، فبصر به عمر رضي الله عنه، فقام إليه، فقال: ممن الرجل؟ قال: من أهل اليمن، قال: ما فعل الرجل الذي أحرقه الكذاب بالنار؟ قال: ذلك عبد الله بن ثوب، قال: أنشدك بالله أنت هو؟ قال: اللهم نعم، فاعتنقه عمر وبكى ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين أبي بكر، وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الله عليه السلام (١).
ومن تقريب عمر رضي الله عنه لأهل الصلاح والتقوى ما تقدم ذكره في قصة المرأة التي سمعها عمر رضي الله عنه وهو يعس بالليل وهي تقول لابنتها: يا ابنتاه، قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء، فقالت لها: يا
(١) رواه ابن حبان / الصحيح ١/ ٣٩٢، أبو نعيم / حلية الأولياء ٢/ ١٢٨، ١٢٩. ابن عبدالبر / الاستيعاب ٤/ ٣٢٠، ابن قدامة / الرقة ص ١٤٧، ١٤٨، وإسناده عند ابن عبد البر متصل ورجاله ثقات، سوى إسماعيل بن عياش الحمصي، صدوق. تق ١٠٩، وشيخه شرحبيل بن مسلم الخولاني الحمصي، صدوق. تق ٢٦٥، ورواه سائر من رواه من طريق إسماعيل به مثله، فالأثر حسن.