للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هم السابقون بالخيرات فوجب اختصاصهم بالدخول إلى الجنات المذكورات. قالوا: وفى اختصاصهم- بعد ذكر الأقسام- بذكر ثوابهم والسكوت عن الآخرين ما هو معلوم من طريقة القرآن إذ يصرح بذكر ثواب الأبرار والمتقين والمخلصين [والمحسنين ومن رجحت حسناتهم ويذكر عقاب الكفار] والفجار والظالمين لأنفسهم ومن خفت موازينهم، ويسكت عن القسم الذى فيه شائبتان وله مادتان هذه طريقة القرآن كقوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِى جَحِيمٍ} [الانفطار: ١٣- ١٤] ، وقوله: {فأَمَّا مَن طَغَى وآثر الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمِ هِى الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِى الْمَأْوَى} [النازعات ٣٧- ٤١] ، وهذا كثير فى القرآن قالوا: وفى السكوت عن شأْن صاحب الشائبتين تحذير عظيم وتخويف له بأَن أَمره مرجأٌ إلى الله وليس عله ضمان ولا له عنده وعد، وليحذر كل الحذر وليبادر بالتوبة، النصوح التى تلحقه فالمضمون لهم النجاة والفلاح.

قالوا: وأيضاً فمن المحال أن يقع على أحد من المصطفين اسم الظلم مطلقاً، على الكافر، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِن قَبْل أن يَأْتِى يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:٢٥٤] ، وقال [تعالى] : {وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِن وَلِى وَلا نَصِيرٍ} [الشورى: ٨] مع قوله: {اللهُ وَلِى الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: ٢٥٧] والظالم لا ولى له [ولا] يكون من المؤمنين.

قالوا: وأيضاً فمن تدبر الآيات وتأمل سياقها وجدها قد استوعبت جميع أقسام الخلق، ودلت على مراتبهم فى الجزاءِ، فذكر سبحانه أَن الناس نوعان: ظالم، ومحسن. ثم [قسم] المحسن إلى قسمين: مقتصد، وسابق، ثم ذكر جزاء المحسن، فلما فرغ منه ذكر جزاءَ الظالم فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ} [فاطر: ٣٦] ، وقال [تعالى] : {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّى إِلَهٌ مِن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِى الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٢٩] ، فذكر أنواع العباد وجزاءَهم قالوا: وأيضاً فهذه طريقة القرآن فى ذكر أصناف الخلق الثلاثة كما ذكرهم الله تعالى فى سورة

<<  <   >  >>