للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت وإن شاء قال: "باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين وإن شاء قال: "اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم، ربي ورب كل شيء فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين واغنني من الفقر".

وبالجملة فلا يزال يذكر الله على فراشه حتى يغلبه النوم وهو يذكر الله، فهذا منامه عبادة وزيادة له في قربة من الله، فإذا استيقظ عاد إلى عادته الأولى، ومع هذا فهو قائم بحقوق العباد من عيادة المرضى وتشييع الجنائز وإجابة الدعوة والمعاونة لهم بالجاه والبدن والنفس والمال وزيارتهم وتفقدهم، وقائم بحقوق أهله وعياله، فهو متنقل في منازل العبودية كيف نقله فيها الأمر، فإذا وقع منه تفريط في حق من حقوق الله بادر إلى الإعتذار والتوبة والاستغفار، ومحوه ومداواته بعمل صالح يزيل أثره فهذا وظيفته دائما.

وأما السابقون المقربون: فنستغفر الله الذين لا إله غلا هو أولا من وصف حالهم وعدم التصاف به، بل ما شممنا له رائحة. ولكن محبة القوم تحمل على تعرف منزلتهم والعلم بها، وإن كانت النفوس متخلفة منقطعة عن اللحاق بهم،

ففي معرفة حال القوم فوائد عديدة:

(فوائد معرفة حال السابقين المقربين) :

منها: أن لا يزال المتخلف المسكين مزريا على نفسه ذاما لها.

ومنها: أنه لا يزال منكسر القلب بين يدي ربه تعالى ذليلا له حقيرا يشهد منازل السابقين وهو في زمرة المنقطعين، ويشهد بضائع التجار وهو في رفقة المحرومين.

ومنها: أنه عساه أن تنهض همته يوما إلى التشبث والتعلق بساقة القوم ولو من بعيد.

ومنها: أنه لعله أن يصدق في الرغبة واللجأ إلى من بيده الخير كله أن يلحقه بالقوم ويهيئه لأعمالهم فيصادف ساعة إجابة لا يسأل الله عز وجل فيها شيئا إلا أعطاه.

ومنها: أن هذا العلم هو من أشرف علوم العبادة، وليس بعد علم التوحيد أشرف منه، وهو لا يناسب إلا النفوس الشريفة، ولا يناسب النفوس الدنيئة المهينة، فإذا رأى نفسه تناسب هذا العلم وتشتاق إليه وتحبه وتأنس بأقله فليبشر بالخير فقد أهل له، فليقل لنفسه: يا نفس، فقد حصل لك شطر

<<  <   >  >>