للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انفجار الصبح، وهو اتساع ضوئه.

وفى لفظ: "حَتَّى يَضِيءَ الْفَجْرُ"، [فى] لفظ: "حَتَّى يَسْطَعَ الْفَجْر"، وذلك هو وقت قراءَة الفجر، وهذا دليل على استحباب تقديمها مع مواظبة النبى صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين على تقديمها فى أول وقتها، فكان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأُ فيها بالستين إلى المائة ويطيل ركوعها وسجودها وينصرف منها والنساءُ لا يعرفن من الغلس، وهذا لا يكون إلا مع شدة التقديم فى أول الوقت لتقع القراءة فى وقت النزول فيحصل الشهود المخصوص، مع أنه قد جاء فى بعض الأحاديث مصرحاً به دوام ذلك إلى الانصراف من صلاة الصبح، رواه الدارقطنى فى كتاب "نزول الرب [تعالى] كل ليلة إلى سماءِ الدنيا" من حديث محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل الله عَزَّ وجَلَّ إلى سماءِ الدنيا لنصف الليل الآخر أو الثلث الآخر يقول: من ذا الذى يدعونى فأستجيب له؟ من ذا الذى يسألنى فأعطيه؟ من ذا الذى يستغفرنى فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر أو ينصرف القاريء من صلاة الصبح" رواه عن محمد جماعة: منهم سليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر والدراوردى وحفص بن غياث ويزيد بن هارون وعبد الوهاب بن عطاء ومحمد بن جعفر والنضر بن شميل كلهم قال: "أو ينصرف القاريء من صلاة الفجر"، فإن كانت هذه اللفظة محفوظة عن النبى صلى الله عليه وسلم فهى صريحة فى المعنى كاشفة للمراد، وإن لم تكن محفوظة وكانت من شك الراوى هل قال هذا أو هذا، فقد قدمنا أنه لا منافاة بين اللفظين.

وأن حديث الليث بن سعد عن محمد بن زياد يدل على دوام النزول إلى وقت صلاة الفجر، وأن تعليقه بالطلوع لكونه أول الوقت الذى يكون فيه الصعود، كما رواه يونس بن أبى إسحق عن أبيه عن الأغر أبى مسلم قال: شهدت على النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْل هَبَط إِلَى هَذِهِ السَّمَاءِ ثُمَّ أمَرَ بِأَبْوَابِ السَّمَاءِ فَفُتِحَتْ ثُمَّ قَالَ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأَعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبُهُ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغِيثٍ أَغِيثُهُ؟ هَلْ مِن مُضْطَّرٍ أَكشِفُ عَنْهُ؟ فَلا يَزَالُ ذَلِكَ مَكَانَهُ حَتَّى يَطَلَعَ الٌفَجْرُ فِى كُلِّ لَيْلَة مِنَ الدُّنْيَا، ثُمَّ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ؟ ". قال الدارقطنى: فزاد فيه يونس بن أبى إسحق زيادة حسنة. والمقصود ذكر القرب من الإمام فى صلاة الفجر وتقديمها فى أول وقتها. والله أعلم.

<<  <   >  >>