للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعددة بمعنى أنه كان يرى الرأي فيتنزل القرآن موافقاً لما رآه رضي الله عنه وأرضاه. فقد روى البخاري رحمه الله تعالى بإسناده إلى أنس رضي الله عنه قال: قال عمر: "وافقت ربي في ثلاث: فقلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} وآية الحجاب قلت: يا رسول الله لو أمرت نساءك يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب١ واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ} فنزلت الآية٢.

وعند مسلم بلفظ: "وافقت ربي في ثلاث في مقام إبراهيم وفي الحجاب وفي أسارى بدر"٣.

ووجه موافقته في أسارى بدر أنه لما جيء بهم استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس فيهم فقال: "إن الله قد أمكنكم منهم" فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله أضرب أعناقهم فأعرض عنه فقام أبو بكر فقال: نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء فعفا عنهم وقبل منهم الفداء فعفا عنهم فأنزل الله: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ ٤ فِي الأَرْضِ} إلخ الآيات الثلاث وكانت موافقة لرأي عمر رضي الله عنه.

وروى الإمام أحمد وغيره بإسناده إلى عمر رضي الله عنه قال: لما نزل تحريم الخمر قال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً فنزلت هذه الآية التي في سورة البقرة: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} قال: فدعي عمر


١ـ هي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} الآية رقم/٥٣ من سورة الأحزاب.
٢ـ صحيح البخاري مع الفتح ١/٥٠٤.
٣ـ صحيح مسلم ٤/١٨٦٥.
٤ـ انظر جامع البيان للطبري ١٠/٤٣-٤٤، تفسير ابن كثير ٣/٣٤٥، لباب النقول في أسباب النزول ص/١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>