للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بموافقته، وقد رأى تحريم الخمر فكان يقول: "اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً" فنزل القرآن بموافقته، وقد رأى عدم الصلاة على عبد الله بن أبي فإنه فلما توفي ابن أبي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنه منافق فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عليه: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} فكانت موافقة لما كان يراه عمر من عدم الصلاة على رأس النفاق فلله ما أعظم هذا الفضل وما أعلا هذه المكانة التي تبوأها الفاروق رضي الله عنه فلقد رزقه الله السداد في الرأي والإصابة في القول فهو رضي الله عنه المحدث الملهم الذي ضرب الله الحق على لسانه وقلبه وهو الذي أعز الله به دين الإسلام فرضي الله عنه وأرضاه.

١٢- ومن مناقبه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه شهيد وتحقق إخباره عليه الصلاة والسلام فقد مات شهيداً على يد الظالم أبي لؤلؤة المجوسي فقد روى البخاري بإسناده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحداً ومعه أبي بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فضربه برجله وقال: "اثبت أحد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان" ١.

وعند الترمذي من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدـ"٢.

قال أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى: "ولقد أفاد هذا الحديث فائدة عظيمة وهي أن عمر وعثمان وعلياً وطلحة والزبير شهداء كلهم وأن أبا بكر صديق ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي عظيم وقد جمعت هؤلاء الشهداء الشهادة وإن اختلفت أسبابها وتباينت وجوهها ولكن لفهم شرف هذه الصحبة واجتماعهم جملة


١ـ صحيح البخاري ٢/٢٩٤-٢٩٥.
٢ـ سنن الترمذي مع تحفة الأحوذي ١٠/١٨٦-١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>