للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عن أم سلمة أن هذه الآية لما نزلت أدار النبي صلى الله عليه وسلم كساءه على عليّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم فقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهي راً ١ وسنته تفسر كتاب الله وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه فلما قال: "هؤلاء أهل بيتي" مع أن سياق القرآن يدل على أن الخطاب مع أزواجه علمنا أن أزواجه وإن كن من أهل بيته كما دل عليه القرآن فهؤلاء أحق بأن يكونوا أهل بيته لأن صلة النسب أقوى من صلة الصهر والعرب تطلق هذا البيان للاختصاص بالكمال لا للاختصاص بأصل الحكم كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان وإنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يتفطن له فيتصدق عليه ولا يسأل الناس إلحافاً" ٢.

بين بذلك: أن هذا مختص بكمال المسكنة بخلاف الطواف فإنه لا تكمل فيه المسكنة لوجود من يعطيه أحياناً مع أنه مسكين أيضاً: ويقال: هذا هو العالم وهذا هو العدو وهذا هو المسلم لمن كمل فيه ذلك وإن شاركه غيره في ذلك وكان دونه.

ونظير هذا في الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: ـ"مسجدي هذا" ٣ يعني مسجد المدينة مع أن سياق القرآن في قوله عن مسجد الضرار: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} ٤ يقتضي أنه مسجد قباء فإنه قد تواتر أنه قال لأهل قباء: "ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به؟؟ " فقالوا: لأننا نستنجي


١ـ المسند ٦/٢٩٢، سنن الترمذي ٥/٣٠-٣١.
٢ـ صحيح البخاري ٣/١٠٩، ٢/٢٥٨، سنن أبي داود ١/٣٧٩، سنن النسائي ٦/٨٥-٨٦.
٣ـ صحيح مسلم ٣/١٠١٥ ونصه هكذا: "هو مسجدكم هذا".
٤ـ سورة التوبة آية/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>