للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالماء١ لكن مسجده أحق بأن يكون مؤسساً على التقوى من مسجد قباء، وإن كان كل منها مؤسساً على التقوى وهو أحق أن يقوم فيه من مسجد الضرار فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يأتي قباء كل سب راكباً وماشياً فكان يقوم في مسجده القيام الجامع يوم الجمعة ثم يقوم بقباء يوم السبت وفي كل منهما قد قام في المسجد المؤسس على التقوى ولما بين ـ سبحانه ـ أنه يريد أن يذهب الرجس عن أهل بيته ويطهرهم تطهيراً دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأقرب أهل بيته وأعظمهم اختصاصاً به وهم: علي وفاطمة رضي الله عنهما وسيدا شباب أهل الجنة جمع الله لهم بين أن قضى لهم بالتطهير وبين أن قضى لهم بكمال دعاء النبي صلى الله عليه وسلم فكان في ذلك ما دلنا على أن إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم نعمة من الله ليسبغها عليهم ورحمة من الله وفضل لم يبلغوها بمجرد حولهم وقوتهم إذ لو كان كذلك لاستغنوا بهما عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما يظن من يظن أنه قد استغنى في هدايته وطاعته عن إعانة الله تعالى له وهدايته إياه، وقد ثبت أيضاً بالنقل الصحيح: أن هذه الآيات لما نزلت قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على أزواجه، وخيرهن كما أمره الله فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، ولذلك أقرهن ولم يطلقهن حتى مات عنهن ولو أردن الحياة الدنيا وزينتها لكان يمتعهن ويسرحهن كما أمره الله ـ سبحانه ـ وتعالى فإنه صلى الله عليه وسلم أخشى الأمة لربه وأعلمهم بحدوده. ولأجل ما دلت عليه هذه الآيات من مضاعفة للأجور والوزر بلغنا عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين وقرة عين الإسلام أنه قال: "إني لأرجو أن يعطي الله للمحسن منا أجرين، وأخاف أن يجعل على المسيء منا وزرين"٢. فإذن قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} شاملة لزوجاته عليه الصلاة والسلام أمهات المؤمنين وغيرهن من قرابته وأهل بيته من الصحابة فمن جعل الآية خاصة


١ـ انظر الحديث في مسند أحمد ٣/٤٢٢، وسنن ابن ماجه ١/١٢٨.
٢ـ حقوق آل البيت لشيخ الإسلام ابن تيمية ص/٢٥-٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>