للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو قال قائل: إن قتل عمار كان بصفين "وهو مع علي والذين قتلوه مع معاوية وكان معه جماعة من الصحابة فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار، فالجواب أنهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة وهم مجتهدون لا لوم عليهم في اتباع ظنونهم فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي وهو الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم"١.

قال الإمام النووي بعد قوله صلى الله عليه وسلم: "بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية":"قال العلماء: هذا الحديث حجة ظاهرة في أن علياً رضي الله عنه كان محقاً مصيباً والطائفة الأخرى بغاة لكنهم مجتهدون فلا إثم عليهم لذلك.. وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجه: منها: أن عماراً يموت قتيلاً وأنه يقتله مسلمون وأنهم بغاة. وأن الصحابة: يقاتلون وأنهم يكونون فرقتين باغية وغيرها وكل هذا وقع مثل فلق الصبح صلى الله عليه وسلم على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"٢.

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بعد ذكره لقوله صلى الله عليه وسلم: "تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين تقتلها أولى الطائفتين بالحق": "وفي هذا وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "تقتل عماراً الفئة الباغية" "دلالة واضحة على أن علياً ومن معه كانوا على الحق وأن من قاتلهم كانوا مخطئين في تأويلهم"٣.

١٠- وروى أبو داود بإسناده إلى سفينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك أو ملكه من يشاء" ٤.


١ـ فتح الباري ١/٥٤٢.
٢ـ شرح النووي على صحيح مسلم ١٨/٤٠-٤١.
٣ـ فتح الباري ٦/٦١٩.
٤ـ سنن أبي داود ٢/٥١٤-٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>