للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورحمة لم يدع إلى نفسه ولم يجبرهم على بيعته بسيفه ولم يغلبهم بعشيرته ولقد شرف الخلافة بنفسه وزانها بشرفه وكساها حلة البهاء بعدله ورفعها بعلو قدره ولقد أباها فأجبروه وتقاعس عنها فأكرهوه"١.

فقد بين رحمه الله تعالى أن بيعة علي رضي الله عنه كانت بالإجماع وأن حصول الإجماع عليها من قبل أهل الحل والعقد كان رحمة من الله بالأمة المحمدية، كما بين رحمه الله أن علياً رضي الله عنه زين الخلافة ولم تزينه، ورفعها ولم ترفعه وهكذا كان من تقدمه من الخلفاء رضي الله عنهم زينوا الخلافة وجملوا الأمة المحمدية، وأتموا الدين وأظهروه، وأسسوا الإسلام وأشهروه رضي الله عنهم أجمعين.

وقال الغزالي: "وقد أجمعوا على تقديم أبي بكر، ثم نص أبو بكر على عمر، ثم أجمعوا بعده على عثمان، ثم على علي رضي الله عنهم، وليس يظن منهم الخيانة في دين الله ـ تعالى ـ لغرض من الأغراض وكان إجماعهم على ذلك من أحسن ما يستدل به على مراتبهم في الفضل، ومن هذا اعتقد أهل السنة هذا الترتيب في الفضل، ثم بحثوا عن الأخبار فوجدوا فيها ما عرف مستند الصحابة وأهل الإجماع في هذا الترتيب"٢.

وقال أبو بكر بن العربي في معرض سياقه لحادثة قتل عثمان ظلماً وعدواناً على أيدي الخارجين عليه الظلمة المعتدين قال: "فلما قضى الله من أمره ما قضى ومضى في قدره ما مضى علم أن الحق لا يترك الناس سدى، وأن الخلق بعده مفتقرون إلى خليفة مفروض عليهم النظر فيه ولم يكن بعد الثلاثة كالرابع قدراً وعلماً وتقى وديناً فانعقدت له البيعة ولولا الإسراع بعقد البيعة لعلي لجري


١ـ ذكره عنه العلامة ابن قدامة في كتابه منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين ص/٧٧ وانظر لوامع الأنوار البهية للسفاريني ٢/٣٤٦.
٢ـ الاقتصاد في الاعتقاد ص/١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>