أما موقعة الجمل فقد دارت رحا الحرب فيها بين علي رضي الله عنه ومن معه وبين أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير ومن معهم رضي الله عنهم وذلك أنه: "لما وقع قتل عثمان بعد أيام التشريق سنة خمس وثلاثين للهجرة ـ كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ـ أمهات المؤمنين قد خرجن إلى الحج في هذا العام فراراً من الفتنة فلما بلغ الناس أن عثمان قد قتل أقمن بمكة١ وقد تجمع بمكة خلق كثير وجم غفير من سادات الصحابة منهم طلحة والزبير حيث استأذنا علياً في الاعتمار فأذن لهما فخرجا إلى مكة وتبعهما كثير من الناس وكذا قدم إلى مكة ابن عمر ومن اليمن يعلى بن أمية عامل عثمان عليها وعبد الله بن عامر عامله على البصرة ولم يزل الناس حينذاك يفدون على مكة ولما كثروا فيها قامت فيهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فحثتهم على القيام بطلب دم عثمان وذكرت ما افتات به أولئك من قتله في بلد حرام وشهر حرام ولم يراقبوا جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سفكوا الدماء وأخذوا الأموال، فاستجاب الناس لها وطاوعوها على ما تراه من الأمر بالمصلحة وقالوا: لها: حيثما سرت سرنا معك وبعد أن تعددت آراؤهم في تحديد الجهة التي يسيرون إليها أجمعوا على الذهاب إلى البصرة فلما أتوا البصرة منعهم من دخولها عثمان بن حنيف عامل علي عليها حينذاك وجرت بينه وبينهم مراسلة ومحاورة حتى وصل الأمر بهم إلى المشاجرة ثم ما لبثوا أن اصطلحوا بعد ذلك إلى أن يقدم علي رضي الله عنه لأنه بلغهم أنه متوجه إليهم ـ وكما تقدم قريباً أنه عدل عن المسير إلى الشام بعد أن بلغه مسير أم المؤمنين عائشة إلى البصرة فأخذ في الاتجاه بعدهم في جمع كبير وهو يرجو أن يدركهم قبل وصولهم إلى البصرة فلما علم أنهم قد فاتوه، استمر في طريقه إليهم قاصداً البصرة من أرض