للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل في رقبته والأول أشهر، وانتظم السهم مع ساقه خاصرة الفرس فجمح به حتى كاد يلقيه وجعل يقول: إلى عباد الله فأدركه مولى له فركب وراءه وأدخله البصرة فمات بدار فيها ويقال: إنه مات بالمعركة"١ ولم تنته موقعة الجمل برجوع الزبير واستشهاد طلحة رضي الله عنهما بل اشتدت الحرب بين الفريقين حتى أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقدمت وهي في هودجها وناولت كعب بن سور قاضي البصرة مصحفاً وقالت ادعهم إليه وذلك حين اشتد الحرب وحمي القتال فلما تقدم كعب بن سور بالمصحف يدعو إليه استقبله مقدمة جيش الكوفيين وكان عبد الله بن سبأ ـ وهو ابن السوداء ـ وأتباعه بين يدي الجيش يقتلون من قدروا عليه من أهل البصرة لا يتوقفون في أحد، فلما رأوا كعب بن سور رافعاً المصحف رشقوه بنبالهم رشقة رجل واحد فقتلوه ووصلت النبال إلى هودج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فجعلت تنادي الله الله يا بني اذكروا يوم الحساب ورفعت يديها تدعو على أولئك النفر من قتلة عثمان فضج الناس معها بالدعاء حتى بلغت الضجة إلى علي فقال: ما هذا؟ فقالوا: أم المؤمنين تدعو على قتلة عثمان وأشياعهم فقال: اللهم العن قتلة عثمان"٢.

ولما رأى علي رضي الله عنه أن المعركة حميت حول الجمل أمر بعقره على ما يقال كي لا تصاب أم المؤمنين لأنها بقيت غرضاً للرماة ولينفصل هذا الموقف الذي تفاني فيه الناس ولما سقط البعير إلى الأرض انهزم من حوله من الناس وانتهت المعركة وحملت أم المؤمنين بأمر من علي وهي مكرمة معززة ودخلت البصرة ومعها أخوها محمد بن أبي بكر"٣.

وأما علي رضي الله عنه، فإنه "أقام بظاهر البصرة ثلاثاً ثم صلى على القتلى من الفريقين ... ثم جمع ما وجد لأصحاب عائشة في المعسكر، وأمر به أن يحمل إلى مسجد البصرة فمن عرف شيئاً هو


١ـ البداية والنهاية ٧/٢٦٤، ٢٧٠، الرياض النضرة في مناقب العشرة ٤/٢٦٦.
٢ـ انظر تاريخ الأمم والملوك ٤/٥١٣، البداية والنهاية ٧/٢٦٤.
٣ـ انظر تاريخ الأمم والملوك ٤/٥٣٣-٥٣٤، البداية والنهاية ٧/٢٦٦-٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>