فقبل الأرض وقال السمع والطاعة لأمرك فضم إليه ألف فارس ومائتين من أصحابه من المدبجة والقياصرة.
قال الواقدي: فسار بالألفين والمائتي فارس وقد رفع الصليب فوق رأسه وجنبت الجنائب وعليها الرخوة المذهبة وسار يجد السير إلى أن وسل إلى مرعش وأخذ زيتونة بنت هرقل وهي الصغرى وكان الملك قد ولاها على تلك البلاد وزوجها بنوسطير بن حارس وكانوا يسمونه سيف النصرانية لشجاعته وكان قد قتل على اليرموك من جراحات أصابته.
قال الواقدي: فلما أخذ يوقنا ابنة الملك وعاد يطلب بها انطاكية أخذ على الجادة العظمى لعله يلقي أحدا من جواسيس المسلمين أو يرى معاهدا فيرسله ليعلم أبا عبيدة إنه قد تمكن من الملك ومن البلد فلما وصل مرج الديباج وكان ليلا وإذا بخيله التي على مقدمته قد أتته وهم مذعورون فقال لهم: ما بالكم فقالوا له: أيها السيد الدمستق أن هناك عسكرا نازلا فقربنا منهم فإذا هم عرب وهم نيام ولا شك إنهم مسلمون فقال لهم: خذوا أهبتكم وأيقظوا خواطركم وانصحوا لدينكم وجاهدوا عدوكم وقاتلوا عن أبنة الملك ولا تسلموها إلى اعدائها وكونوا خير جند قاتل عن نعمة صاحبه وإذا تمكن الحرب بيننا وبينهم فاعتمدوا على الأسر وإياكم والقتل واعلموا أن العرب وأميرهم لا بد لهم أن يقصدوا الملك ومن معه فإن اسروا منا أحدا يكن عندنا الفداء فقد وجدت في كتاب حرفناس الحكيم أن من نظر في عواقب زمانه توشح بوشاح أمانه ومن أهمل أمره خاف حذره ومن أكثر الغدر حل به الأمر سيروا على بركة الله.
قال الواقدي: فشرعوا الأعنة وقوموا الاسنة وقصدوا ذلك العسكر فلما احسوا بهم بادروا إليهم واستقبلوهم وهم ينادون بعيسى بن مريم والصليب المفخم من أنتم فقال لهم يوقنا: ومن انتم فقالوا: نحن أصحاب جبلة بن الأيهم فلما سمع يوقنا ذلك ترجل عن دابته وسلم عليه وسلمت العرب المتنصرة على الروم فقال جبلة من أين جئتم فقال له مرعش: ومعي ابنة الملك وانتم من أين جئتم فقال جبلة من العمق وقد أتينا بميرة أهلها فلما رجعت ووصلت إلى مرج دابق لقيت كتيبة من فرسان المسلمين وهم زيادة عن مائتي وهم لابسون زينا فلما وصلنا إليهم ابتدرونا بعزم شديد وحرب عتيد وإذا مقدمهم لا يصطلي له بنار فلقد أباد منا رجالا وجندل منا ابطالا ونحن في ألفي فارس وهم مائتان وكان فينا كالنار المحرقة فما زلنا نقاتلهم حتى أسرناهم بعدما قتل الفارس منهم الفارس والاثنين والثلاثة منا وبقي أميرهم إلى آخر الناس فقصدنا جواده بالسهام حتى قتلناه ووقع فهجمنا عليه وأخذناه أسيرا فاذ هو من أصحاب محمد وهو ضرار بن الأزور ونحن قاصدون بهم إلى الملك هرقل ليرى فيهم رأيه فاظهر لهم يوقنا