اليوم قد ضاقت بك الحظيرة. ... حتى ترى ملقى على الحفيرة.
قال ثم ضربه بالسيف فولى هاربا ثم برك وكان عليه عدة من السودان في قبة من الأديم فلما سقط الفيل إلى الأرض قام علج عن ظهره وفي يده عمود فضرب به رفاعة فزاغ عنه وضربه رفاعة على عاتقه الايمن فاطلع السيف يلمع من عاتقه الايسر فسقط عدو الله يخور في دمه وعجل الله بروحه إلى النار فتلاحقت العرب باعجاز الفيلة وصاروا يطعنون الفيلة في أعينها كما ذكرنا فولوا منهزمين قال: وقصد خالد والمقداد وأجواد الأمراء القواد الذين تقدم ذكرهم وطلبوا من الله النصر والثبات وصاروا يأتونهم وهم فارس عن اليمين وفارس عن اليسار فيقتلون مساك السلاسل ثم يمسكون أطراف السلاسل ويطلقون الاعنة فينقاد معهم كالبعير الشارد فياخذون العمود من يده ويقتلونه شر قتلة ولم يزل القوم في قتال ونزال وأهوال حتى جاء الليل وحجز بين الفريقين وقد قتل من الفريقين خلق كثير فأما المسلمون فقد قتلوا منهم أثني عشر ألفا من الملوك والبطارقة خمسة عشر بطريقا وملكا من السودان وغيرها وبات المسلمون يتحارسون إلى الصباح.
قال الراوي: وكان قد اثخن بالجراح جماعة من المسلمين في ذلك النهار وكان المسلمون طائفة يدفنون القتلى وطائفة يداوون الجرحى وطائفة يقرءون القرآن وطائفة يصلون وطائفة نيام من كثرة ما لحقهم من التعب وخالد بن الوليد والزبير بن العوام والمقداد ابن الاسود وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه يدورون حول العسكر إلى الصباح فلما لاح الفجر أذن المؤذنون وصلى عمرو بن العاص بالناس الصبح بسورة الفتح ثم دعوا الله عز وجل أن يرزقهم النصر ثم تبادروا إلى خيولهم فركبوها ورتبوا صفوفهم كما ذكرنا فيما تقدم بالامس فلما فرغ المسلمون من تعبية الصفوف أقبل الأمراء يحرضون الناس على القتال وقد جعلوا على الساقة رافع بن عميرة الطائي والحرث بن قيس ورفاعة بن زهير في خمسمائة فارس.
قال الراوي: قال عبادة بن رافع حدثنا سالم بن مالك عن عبد الله بن هلال وكان في خيل رافع قال لما رتبت الصفوف والتقى الجمعان وكثر القتال وكل واحد اشتغل بنفسه ونحن نذب عن النساء والصبيان والنساء اللاتي تقدم ذكرهن يقاتلن أشد القتال إذ جاءنا كردوس عظيم من البطارقة والسودان والبجاوة ومعهم زهاء من ستمائة فيل وغافلونا ونحن مشغولون بالقتال واقتطعوا قطعة كبيرة من الابل والرجال والنساء والصبيان زهاء من ألف بعير ومائتي امرأة وغير ذلك وكان في ذلك زائد بن رابح البكري وعباد بن عاصم