للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغنوي ومعهما مائتا فارس فقاتلوا قتال الموت حتى أثخنوا بالجراح وقاتلت النساء بالاعمدة والخناجر فلله در عفيرة بنت غفار وسلمى بنت زاهر ونظائرهما من النساء لقد قاتلن حتى ضربن بالسيف على رؤوسهن وسالت الدماء على وجوههن وهن يقلن الله الله يا نساء العرب قاتلن عن العسكر وعن أنفسكن والا صرتن بأيدي الاعلاج الغلف والسودان فقاتلن قتال الموت وقتل من المسلمين خمسة عشر نفرا ختم الله لهم بالشهادة وساقوا النساء والصبيان.

فرجع فارس إلى خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأعلمهما بذلك وهم في أشد القتال فتصايحت المسلمون وخرج جماعة من الأمراء من وسط المعركة وهم الفضل بن العباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وزياد بن أبي سفيان وعبد الله بن أبي طلحة وضرار بن الازور وجماعة من الأمراء وتبعهم ستمائة فارس من العرب من صناديد القوم وأدركوهم عند أول الجبل وهم يريدون جهة الفيوم فعند ذلك زعق ضرار والفضل بن العباس إلى أين يا أعداء الله فتراجعت الروم والسودان عنهم واقتتلوا قتالا شديدا فابتدر ضرار إلى مقدم السودان وطعنه في صدره فاطلع السنان يلمع من ظهره وكذلك الفضل ابن العباس تقدم إلى بطريق عظيم وطعنه في لبته فأطلع السنان يلمع من قفاه فانجدل يخور في دمه وعجل الله بروحه إلى النار قال: واستمروا يقاتلون حتى قتلوا مقتلة عظيمة فلما عاينوا ذلك ألقوا ما بايديهم من الغنيمة وولوا وتواثب المسلمون وردوا السبي والحريم وردوا الاسارى وحلوهم وساعدتهم النساء بالاعمدة والسيوف والخناجر فكانت النساء يضربن وجوه الخيل بالعمد فيكبو الجواد بصاحبه فتتعلق المرأة بالفارس وتجذبه إلى الأرض فتجلد به الأرض ثم تضربه فتقتله حتى قتلن جماعة من الروم والسودان والبجاوة وغيرهم فلما رأوا ذلك ولوا منهزمين من بين أيديهم وتبعتهم المسلمون يقتلون ويأسرون حتى قتلوا منهم مقتلة عظيمة وأسروا منهم نحو ستمائة اسير من الروم والسودان وزحفوا وقد غنموا أسلابهم وخيولهم.

قال الواقدي: هذا ما جرى لهؤلاء وأما العسكر فإنهم لم يزالوا في قتال شديد وأمر عتيد وضرب وطعان وقتل رجال وجندلة أبطال وفرسان وقد قامت الحرب على قدم وساق وضربت الاعناق وصالت الشجعان وولى الخبان حيران ودارت رحى الحرب واشتد الطعن والضرب وقطعت المعاصم وطارت الجماجم وحامت طيور المنايا وعظمت الرزايا واشتد الزحام وعظم المرام وضاقت الصدور وعظمت الامور واشتد الغبار وقل الاصطبار وقاتلت الأمراء بالرايات وبربرت السودان بلغاتها ورفعت الروم أصواتها وضربت ببوقاتها وطعنت برماحها ورمت بنشابها وحارت الافكار وعميت الابصار وثار الغبار وأظلم النهار وكان شعار المسلمين يا نصر الله انزل وصبر المسلمون لهم صبر الكرام

<<  <  ج: ص:  >  >>