فلله در الزبير بن العوام والمقداد بن االاسود والفضل بن العباس وعقبة ابن عامر والمسيب بن نجيبة الفزاري ونظائرهم من الأمراء فلقد قاتلوا قتالا شديدا وأبلوا بلاء حسنا وصبروا صبر الكرام.
وأما عمرو وخالد والقعقاع بن عمرو وسعيد بن زيد فلقد كانوا يقاتلون قتال الموت وزحفت الفيلة برجالها وقاتلت الروم بابطالها والسودان بافيالها وقد كانت أصحاب الفيلة تعطف على خيل العرب ويرمون بالنشاب فيخرج كالجراد المنتشر حتى قلعت أعين كثيرة في ذلك اليوم فما كنت تسمع إلا من يصيح وايداه والفيلة تحطم والسودان يرمون الابطال فعندها وثب رفاعة بن زهير المحاربي وأتى إلى خالد وعمرو قال: أيها الأمراء أن دام هذا الامر هكذا هلكنا عن آخرنا قالا فما الرأي يا أبا حازم قال الرأي أن نجمع ثيابنا ونغمسها زيتا ودهنا ونجعلها على رؤوس الرماح ونجعل في أعلاها نارا ثم نأمر رجالا يجمعون القيصوم وغيره ونجعله في غرائر على ظهور الجمال عريا ونشغلهم بالقتال ثم تأتي الفرسان تمانعهم وتساق عليهم الجمال فإنها إذا أحست النار حطمتهم فلا يصبرون على ذلك والمعونة من الله تعالى فاستصوبوا رأيه وأعدوا رجالا لذلك وناوشوهم القتال فلم يكن إلا ساعة حتى تهيأت المكيدة وجمعوا من الفرسان الف فارس وصبغوا تلك الثياب بالدهن والزيت وأطلقوا الينران برؤوس الاسنة وحملوا الغرائر بالقيصوم وغيره وأشعلوا فيه نارا ووضعوا الحراب في أجناب الابل فلما أحست بالحراب في أجسامها والنار في ظهورها فعندها حطمت الروم والسودان فلما رأت الفيلة ذلك طارت عقولها وقطعت سلاسلها وداست قوادها ورمت ما على ظهورها من الرجال وداستهم باخفافها ورجعت خيل الرم وبراذينها وهربت بغالها وذابت قلوب رجالها وضربت الأمراء في الاعداء بسيوفها وطعنت برماحها ورمت بنشابها قال المسيب بن نجيبة ولقد رأينا طيورا أظلتنا في زي النسور وكان الطائر يرفرف بجناحه على وجه الكافر ورأسه ثم يضع مخاليبه في عينيه فيرميه إلى الأرض فلم تكن إلا ساعة بعد صلاة العصر حتى ولت الروم الادبار وركنوا إلى الفرار وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون حتى جاء الليل وأظلم النهار ووصلت الهزيمة إلى القرية المعروفة بالدير والى اللاهون والى أهناس والى ميدوم وتبعتهم المسلمون الليل كله إلى الصباح وقد تفرق شملهم وشرد جمعهم وأسر منهم جماعة كثيرة نحو خمسة آلاف وقتل منهم ما لا يحصى.
قال رافع بن أزد الجهني لما رجعنا إلى مكان المعركة وجدنا الأرض قد امتلأت من قتلى الروم والسودان والبجاوة وغيرهم واختلط جماعة من قتلى المسلمين بهم ما عرفناهم من الروم إلا أن الروم كان بايديهم صلبان والمسلمون ليس لهم ذلك فميزناهم منهم بذلك وجمعنا جريد النخل والقصب ووضعنا على كل قتيل جريدة أو