الأمصار فقدموا عليه: عبد الله بن عامر، ومعاوية، وعبد الله بن سعد، وأدخل معهم في المشورة سعيداً وعمراً، فقال: ويحكم ما هذه الشكاية؟ وما هذه الإذاعة؟ إني والله لخائف أن تكونوا مصدوقاً عليكم وما يعصب هذا إلا بي، فقالوا له: ألم تبعث؟ ألم نرجع إليك الخبر عن القوم؟ ألم يرجعوا ولم يشافههم أحد بشيء؟ لا والله ما صدقوا ولا بروا، ولا نعلم لهذا الأمر أصلاً، وما كنت لتأخذ به أحداً فيقيمك على شيء، وما هي إلا إذاعة لا يحل الأخذ بها، ولا الانتهاء إليها، قال: فأشيروا عليّ. قال سعيد بن العاص: هذا أمر مصنوع بصنع في السر، فيلقى به غير ذي المعرفة، فيخبر به، فيتحدث به في مجالسهم، قال: فما دواء ذلك؟ قال: طلب هؤلاء القوم ثم قتل هؤلاء الذين يخرج هذا من عندهم، وقال عبد الله بن سعد: خذ من الناس الذين عليهم إذا أعطيتهم الذي لهم، فإنه خير من أن تدعهم. قال معاوية: قد وليتني فوليت قوماً لا يأتيك عنهم إلا الخير، والرجلان أعلم بناحيتيهما، قال: فما الرأي؟ قال: حسن الأدب، قال: فما ترى يا عمرو؟ قال: أرى أنك قد لنت لهم وتراخيت عنهم، وزدتهم على ما كان يصنع عمر، فأرى أن تلزم طريقة صاحبيك، فتشتد في موضع الشدة وتلين في موضع اللين. إن الشدة تنبغي لمن لا يألو الناس شراً، واللين لمن يخالف الناس بالنصح، وقد فرشتهما جميعاً اللين، وقام عثمان فحمد الله وأثنى عليه وقال: كل ما أشرتم به عليّ قد