للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه التوبة، فقام فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد أيها الناس، فوالله ما عاب من عاب منكم شيئاً أجهله، وما جئت شيئاً إلا وأنا أعرفه، ولكني منتني نفسي وكذبتني، وضل عني رشدي، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من زل فليتب، ومن أخطأ فليتب، ولا يتماد في الهلكة، إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق"، فأنا أول من اتعظ، أستغفر الله مما فعلت، وأتوب إليه، فمثلي نزع وتاب، فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليروني رأيهم، فوالله لئن ردني الحق عبد، لأستن بسنة العبد، ولأذلن ذل العبد، ولأكونن كالمرقوق، إن ملك صبر، وإن عتق شكر، وما عن الله مذهب إلا إليه، فلا يعجزن عنكم خياركم أن يدنوا إلي، لئن أبت يميني لتتابعني شمالي.

قال: فرق الناس له يومئذ، وبكى من بكى منهم، وقام إليه سعيد بن زيد فقال: يا أمير المؤمنين ليس بواصل لك من ليس معك، الله الله في نفسك، فأتمم على ما قلت. فلما نزل عثمان وجد في منزله مروان، وسعيداً ونفراً من بني أمية، ولم يكونوا شهدوا الخطبة، فلما جلس قال مروان: يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت؟ فقالت نائلة ابنة الفرافصة - امرأة عثمان الكلبية - لا بل اصمت، فإنهم والله قاتلوه ومؤثموه، لإنه قد قال مقالة لا ينبغي له أن ينزع عنها. فأقبل عليها مروان، فقال: ما أنت وذاك، فوالله لقد مات أبوك وما يحسن يتوضأ، فقالت له: مهلاً يا مروان عن ذكر الآباء، تخبر عن أبي وهو غائب، تكذب عليه وإن أباك لا يستطيع أن يدفع عنه، أما والله لولا أنه عمه، وأنه يناله غمه، أخبرتك عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>