للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو معنى اللفظِ، ولكنَّه معنىَ يُستَدلُّ بمعنى اللفظِ عليه، ويُسْتنبَطُ منه، كنحْوِ ما تَرى من أنَّ القصْد في قولهم: "هو كثيرُ رمادِ القِدْر"، إلى كَثْرة القِرى، وأنتَ لا تعرف ذلكَ من هذا اللفظِ الذي تَسْمَعُهُ، ولكنك تعرفه بأن تستبدل عليه بمعناه، على ما مَضَى الشرحُ فيه١.

الفصاحة وصف للكلام بمعناه لا بلفظه مجردا:

٥٢٢ - وإذْ قد عرفت ذلك، فينبغي أن يقالَ لهؤلاء الذين اعترضوا علينا في قولنا: "إنَّ الفصاحةَ وصفٌ يجب للكلام من أجل مزيةٍ تكونُ في معناه، وأنها لا تكونُ وصْفاً له من حيثُ اللفظُ مجرداً عن المعنى"، واحتجُّوا بأن قالوا: "إنَّه لو كان الكلامُ إِذا وُصِف بأنه فصيحُ، كان ذلك من أجل مزيةٍ تَكونُ في معناه، لوجَب أن يكونَ تفسيرُه فصيحاً مثله"٢ أخبرونا عنكم٣، أترونَ أنَّ مِن شأنِ هذه الأجناسِ، إذا كانت في الكلام، أن تكونَ له بها مزيةُ تُوجبُ له الفصاحةَ، أم لا ترون ذلك؟

فإِنْ قالوا: لا ترى ذلك لم يكلَّموا.

وإن قالوا: نَرى للكلام، إذا كانتْ فيه، مزيةٌ تُوجِبُ له الفصاحةَ، قيل لهم: فأخبرونا عن تلك المزية، أتكونُ في اللفظ أم في المعنى؟

فإِن قالوا: في اللفظِ دخَلُوا في الجَهالة، من حيث يَلْزَمُ من ذلك أن تكونَ "الكنايةُ" و "الاستعارة" و "التمثيل" أوصافًا للفظ، لأنه لا يتصور أن


١ انظر رقم: ٥٠٥، ٥٠٦.
٢ انظر ما سلف رقم: ٤٩٩، ٥٠٤ وغيرها.
٣ السياق: "فينبغي أن يقال لهؤلاء ..... أخبرونا عنكم".